صَفقةٌ روسيّةٌ تُركيّةٌ في القَوْقاز

news image

مَاذَا سَتجنِي روسيَا مُقابِلَ التّنَازُلِ عن كاراباخ؟ و هَل يُشَكِّلُ تَوسِيع مَجلِس الأمن خُطوَةً نَحوَ التّداوُل السِّلميّ على زَعامةِ العَالَم؟

اعداد - مروة شاهين - تقرير خاص - بث:
في وقتٍ تشتعل فيه الكرة الأرضية بكافة أنواع التوترات من حروبٍ و كوارث طبيعية و نزاعات سياسية باردة و أخرى عسكرية سواء مباشرة أو بالوكالة كما يحدث في اوكرانيا و العديد من المناطق الأخرى في العالم، أطلّت من جديد أزمةٌ تعود أصولها إلى الحرب الباردة لِتبرُزَ كَسِمةٍ واضحة على تغير كافة قواعد اللعبة التي كانت سائدة قبل عامٍ على الأقل.. 
فروسيا حامِيةُ حِمى الأرثوذكسية و الداعم الأكبر للأرمن دولةً و شعباً بحكم الروابط الأرثوذكسية، قد تخلت مؤخراً و بشكل مفاجئ عن الأرمن في صراعهم ضد أذربيجان (أو ما يعرف بالصراع العرقي القديم مع ذوي العرق التركي) ، و تُقدم إقليم ناغورنو كاراباخ على طبق من ذهب إلى الجانب الأذربيجاني في دلالة واضحة على حدوث صفقة تبادل مصالح بين روسيا و تركيا، حيثُ كان إقليم ناغورنو كاراباخ أول سلعة قايضتها روسيا مع تركيا دون أن يتبين إلى حد الآن ما ستجنيه روسيا بالمقابل من هذه الهدية السخيّة المقدمة إلى الجانب التركي. 
صِراعٌ عميقٌ الجُذورِ و إعادة ضبط الإرث السوفياتيّ:
لطالما كان الصراع بين أرمينيا و أذربيجان على ناجورنو كاراباخ  قضية طويلة الأمد ومعقدة وتضم العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية، و يدور هذا الصراع في جوهره حول نزاعات إقليمية وتوترات تاريخية في منطقة جنوب القوقاز.
و  لعبت تركيا وروسيا، باعتبارهما لاعبين مهمين في هذا اللغز الجيوسياسي المعقد، أدوارًا محورية في تشكيل ديناميكيات هذا الصراع، و لفهمٍ أعمق لطبيعة الصراعات في جنوب القوقاز لا بد من استعراض السياق التاريخي والأحداث الرئيسية ودور تركيا وروسيا في الصراع المستمر حول إقليم ناغورنو كاراباخ. 
و لهذا، لكي نفهم الصراع التركي الروسي حول أرمينيا وناجورنو كاراباخ، يتعين علينا أن نتعمق في الجذور التاريخية لهذه القضية، إذ تتمتع المنطقة بتاريخ من التنوع العرقي والديني، حيث تعد أرمينيا واحدة من أقدم الدول المسيحية في االعال، بينما أذربيجان ذات أغلبية مسلمة. وكانت منطقة ناجورنو كاراباخ، وهي منطقة جبلية داخل حدود أذربيجان، مصدر خلاف لعدة قرون بسبب الأغلبية السكانية الأرمنية فيها.
و تعود أصول الصراع الحديث إلى أوائل القرن العشرين، مع تفكك الإمبراطوريتين الروسية والعثمانية. حيثُ تم دمج أرمينيا وأذربيجان في الاتحاد السوفييتي، مما أدى في البداية إلى قمع التوترات لكنه لم يحل النزاعات العميقة. وأدى انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991 إلى تجدد الأعمال العدائية واندلاع حرب واسعة النطاق في ناجورنو كاراباخ، والتي انتهت بوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا في عام 1994.
الأحداث الرئيسية :
وقف إطلاق النار عام 1994: أدى وقف إطلاق النار إلى إنشاء دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع في ناجورنو كاراباخ، يسيطر عليها الأرمن العرقيون ولكن معترف بهم دوليًا كجزء من أذربيجان، وقد ترك هذا الوضع الراهن الصراع على نار هادئة دون حل. 
حرب الأيام الأربعة (2016): في أبريل/نيسان 2016، اندلع قتال عنيف في ناغورنو كاراباخ، مما أدى إلى سقوط ضحايا من الجانبين. وسلط هذا الصدام الضوء على مدى تقلب الوضع واحتمال نشوب صراع أكبر.
حرب ناغورنو كاراباخ 2020: حدث التطور الأخير الأكثر أهمية في الصراع في سبتمبر 2020 عندما شنت أذربيجان، بدعم تركي، هجومًا عسكريًا لاستعادة السيطرة على ناغورنو كاراباخ. وأسفرت الحرب عن خسائر كبيرة ومكاسب إقليمية لأذربيجان، مما أدى إلى وقف إطلاق النار بوساطة روسيا. 
وكانت تركيا من أشد المؤيدين لأذربيجان طوال الصراع، ويشمل دعمها الدعم السياسي والمساعدة العسكرية والموقف القوي ضد أي مطالبات أرمنية إقليمية في ناجورنو كاراباخ،  وقد أدى التدخل التركي إلى زيادة تعقيد الصراع من خلال إدخال عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المعادلة، مما أثار المخاوف بين الدول الغربية.
وقد لعبت روسيا، باعتبارها قوة تقليدية في جنوب القوقاز، دوراً متعدد الأوجه، حيثُ حافظت موسكو على علاقات وثيقة مع كل من أرمينيا وأذربيجان وقدمت نفسها كوسيط لحل النزاع، وفي حرب ناغورنو كاراباخ عام 2020، توسطت روسيا في اتفاق وقف إطلاق النار، مما عزز دورها كلاعب رئيسي في عملية حل النزاع. 
ويسلط الصراع التركي الروسي بشأن أرمينيا وناجورنو كاراباخ الضوء على التفاعل المعقد بين المصالح الإقليمية والعالمية، وفي حين أن لتركيا وروسيا مصالح متباينة في أجزاء مختلفة من العالم، فقد تمكنتا من التعاون إلى حد ما في جنوب القوقاز، وهذا التعاون مدفوع بمجموعة من العوامل، بما في ذلك شراكات الطاقة، ومبيعات الأسلحة، والنفوذ الإقليمي، و التصدي للهيمنة الغربية على باقي دول العالم.
أرمينيا تَتّهِمُ روسيا بالتخلّي عن دورها التاريخي في الدفاع عن الأرمن:
حيثُ رفض الكرملين مؤخراً، انتقادات أرمينيا بشأن دور روسيا في حفظ السلام في إقليم ناغورنو كاراباخ، ووصفها بأنها "لا أساس لها من الصحة".
واتهم أمين مجلس الأمن في أرمينيا، أرمين غريغوريان، قوات حفظ السلام الروسية بالفشل في الوفاء بالتزاماتها بحماية ناغورنو كاراباخ، وفقاً لوكالة "Armenpress” المملوكة للحكومة.
وردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: “مثل هذه الاتهامات ضدنا لا أساس لها من الصحة، ولا تستند إلى أي شيء”.
ومضى المتحدث باسم الكرملين يقول إن موسكو تجري حوارًا مع كل من باكو ويريفان وتواصل جهودها لمساعدة الأرمن الذين يعيشون في كاراباخ.
وأضاف بيسكوف قائلا: "يحافظ جيشنا على دوره كقوات حفظ سلام، ويساعد في إجلاء السكان المدنيين".
وكشف المتحدث باسم الكرملين أيضًا أن موسكو بصدد ترتيب محادثة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، وإذا لزم الأمر، يمكن إجراء محادثة مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أيضًا.
إنتصَارٌ أذربيجانيّ مصحوبٌ بمُقايضةٍ غامضةً بين روسيا و تركيا: 
إذ توصّل طرفا النزاع في الإقليم إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، عكست ملامحه الأولى رضوخ السلطات الانفصالية في الإقليم لشروط أذربيجان، خصوصاً لجهة الاستعداد لتسليم السلاح وإفساح المجال لتعزيز السيطرة العسكرية المباشرة للقوات الأذرية على المؤسسات الحيوية في الإقليم.
وأعلنت وزارة الدفاع الأذرية أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف النار بعد ساعات من بدء العملية العسكرية الأذرية، وشمل الاتفاق إطلاق جولة مفاوضات بدأت لوضع اللمسات الأخيرة على ترتيبات تنهي الجولة الجديدة من الصراع.
وقالت أذربيجان إنها تريد «إعادة دمج سلمية» لجيب ناغورنو كاراباخ داخل أراضيها و«تطبيع» العلاقات مع أرمينيا، متعهدة بضمان ممر «آمن» للانفصاليين الأرمن.
كما ذكرت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أن الانفصاليين الأرمن في ناغورنو كاراباخ وافقوا على شروط وقف لإطلاق النار اقترحته قوات حفظ السلام الروسية بعد تعرضهم لسلسلة انتكاسات في أرض المعركة على يد جيش أذربيجان.
و وصل وفد الانفصاليين الأرمن في إقليم ناغورنو كاراباخ صباح الخميس إلى مدينة يفلاخ الأذربيجانية لإجراء مباحثات مع باكو حول إعادة دمج هذا الإقليم، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الأذربيجانية «أذرتاغ».
وأُعلن عن هذه المفاوضات، بعد عملية عسكرية خاطفة شنتها باكو وأرغمت الانفصاليين على الاستسلام بعد نزاع مستمر منذ عقود.
و قال رئيس أذربيجان إلهام علييف، إنّ القوات المسلحة الأذرية نجحت في مهمة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، مؤكداً أن القوات الأرمينية بدأت بتسليم أسلحتها ومغادرة كاراباخ.
وأوضح علييف أنه "كان هناك أكثر من 100 دبابة وعربة أرمينية في كاراباخ"، مضيفاً: "أذربيجان استعادت سيادتها نتيجة عملية مكافحة الإرهاب".
و قالت أذربيجان، إنها تريد دمج أفراد عرق الأرمن الموجودين بإقليم ناغورنو كاراباخ سلميا، وذلك بعد إجبارها القوات المدافعة عن الإقليم المتنازع عليه على الاستسلام في هجوم استمر 24 ساعة.
وذكر حكمت حاجييف مستشار السياسة الخارجية لرئيس أذربيجان خلال مؤتمر صحافي أن نزع السلاح من قوات كاراباخ سيزيد من فرص إعادة ضم الإقليم بنجاح بالإضافة إلى توسيع آفاق السلام مع أرمينيا، والإقليم غير خاضع لسيطرة باكو منذ ثلاثة عقود.
ورفض نداءات تدخل مجلس الأمن الدولي، قائلا إن أي مشكلات يتعين حلها على الأرض.
الدولةُ الرسميةُ الأرمينية تَسحبُ يَدَها من مفاوضات كاراباخ:
و في السياق ذاته، أعرب رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان عن أمله في ألا يستمر التوتر العسكري في إقليم كاراباخ.
وأفاد باشينيان في خطاب لشعبه بثته القنوات التلفزيونية المحلية، الأربعاء، أن بلاده لم تشارك أبدا في عملية إبرام الاتفاق مع ممثلي الأرمن في الإقليم الانفصالي. وأضاف: "سنواصل متابعة التطورات، وإذا كان لدينا ما نقوله فسنشاركه بالتأكيد".
وأشار باشينيان إلى انخفاض حدة الصراع في الإقليم، مستدركا بالقول إنها لم تنته بالكامل. وتابع: "نأمل ألا يستمر التصعيد في الوضع العسكري".
و ربما يعود هذا الموقف الرسمي للدولة الأرمينية إلى عجز الأخيرة عن التصدي للقوات الأذرية المدعومة من تركيا في الوقت الذي تخلت فيه روسيا عن دعمها لأرمينيا بسبب انشغال روسيا بمصالحها المتعلقة بتحسين العلاقات مع تركيا نظراً للدور الذي تلعبه تركيا سواء في المفاوضات بين الجانبين الروسي و الأوكراني أو في صنع القرار الغربي لكونها ثاني أكبر جيش من حيث العدد في ملف شمال الأطلسي. 
من أوكرانيا إلى كاراباخ و لبيبا.. بعد فشلِه في وضع حدّ للصراعات بين الأمم.. هل يَخضَعُ مجلس الأمن لعملية صيانة؟ 
يقف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (UNSC) كمؤسسة محورية داخل منظومة الأمم المتحدة (UN)، مسؤولة عن صون السلام والأمن الدوليين، فمنذ إنشائه في عام 1945، شهد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تغييرات كبيرة استجابة للمشهد السياسي العالمي المتطور. و كانت إحدى القضايا الأكثر إثارة للجدل والمستمرة المحيطة بمجلس الأمن الدولي هي توسيعه، خاصة فيما يتعلق بمسألة إضافة أعضاء دائمين جدد،  فما تاريخ مجلس الأمن والحجج المؤيدة لتوسيعه، و ما هي الدول التي من المحتمل أن تنضم إليه كأعضاء دائمين.
تم إنشاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية لمعالجة إخفاقات عصبة الأمم ومنع صراع عالمي آخر. وكان تكوينها الأولي يضم خمسة أعضاء دائمين ـ الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين، والاتحاد السوفييتي ـ الذين مُنحوا حق النقض، إلى جانب عشرة أعضاء غير دائمين يُنتخبون لمدة عامين. وقد تم تصميم هذه البنية بحيث تعكس توازن القوى في مرحلة ما بعد الحرب، ولكن النظام الدولي شهد منذ ذلك الحين تحولاً كبيراً.
ويرى أنصار توسيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنه يجب أن يعكس الحقائق الجيوسياسية المعاصرة في القرن الحادي والعشرين. و يشددون على عدة نقاط رئيسية على هذا المنظور:
1. التحولات الجيوسياسية: شهد العالم تحولات جذرية في ديناميكيات القوة العالمية منذ عام 1945. وأصبحت القوى الناشئة مثل الهند والبرازيل وألمانيا واليابان جهات فاعلة مؤثرة على الساحة الدولية، حيثُ ساهمت في بناء الاقتصاد العالمي و جهود حفظ السلام. 
2. الشرعية المعززة: إن توسيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من خلال ضم أعضاء دائمين جدد يمكن أن يعزز شرعيته. ومن شأن مجلس أكثر شمولا أن يكون مجهزا بشكل أفضل لمواجهة التحديات العالمية وضمان اتخاذ القرارات بتمثيل أوسع.
3. الكفاءة والفعالية: من الممكن أن يعمل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشكل أكثر كفاءة من خلال دمج وجهات نظر متنوعة، وتعزيز التسوية، وتجنب الجمود، حيث يؤدي الأعضاء الحاليون الذين يتمتعون بحق النقض إلى وصول المجلس في بعض الأحيان إلى طريق مسدود.
و عندما يتعلق الأمر بالمحافل الدولية واتخاذ القرارات ذات الأهمية العالمية، يأتي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في صدارة الهياكل الدبلوماسية، و لكن منذ تأسيسه في عام 1945، برزت تحديات تفتقر إلى تمثيل دول جديدة في هذا المجلس، و لهذا من المقترح أن يتم ضم دول جديدة من بينها:

الهند: إنها واحدة من أكبر الديمقراطيات في العالم ولها دور مهم في الشؤون الإقليمية والدولية، كما أنها عضو في مجموعة دول البريكس، و لديها حدود مشتركة مع كل من الصين و روسيا،  هذا ما يجعلها قوة إستراتيجية ضخمة تستحق أن تمارس دوراً أكثر أهمية في مجلس الأمن، و لهذا تطلب الهند منذ فترة طويلة عضوية دائمة في المجلس.

البرازيل: و هي كبرى الدول اللاتينية و عضو بمجموعة دول البريكس أيضاً، و تطمح أيضًا للعب دور أكبر في اتخاذ القرارات الدولية، تدعم البرازيل فكرة توسيع عضويتها في المجلس انطلاقاً من كونها دولة ذات قدرات اقتصادية متنامية بالإضافة إلى كونها تتمتع بعلاقات جيدة مع معظم دول العالم بما فيهم روسيا و الصين و الولايات المتحدة الأمريكية.

ألمانيا: بوصفها أكبر اقتصاد في أوروبا، ترغب ألمانيا في تعزيز تمثيلها الدولي والمشاركة بشكل دائم في مجلس الأمن، لكن من المرجح جداً عدم قبول روسيا بانضمام ألمانيا لأسباب يطول شرحها.

اليابان: تعتبر اليابان إحدى أكبر الاقتصادات في العالم وتسعى أيضًا لزيادة قوتها من خلال تمثيلها في هذا المجلس، إلا أن التاريخ الطويل من الصراعات بين اليابان و روسيا و الصين، إضافة إلى كون اليابان دولة خاضعة للنفوذ الأميركي يجعل من الصعب قبول الصين و روسيا يمنح اليابان مقعداً دائماً في مجلس الأمن.

جنوب أفريقيا: تلعب دورًا مهمًا في قارة إفريقيا وتسعى لزيادة تمثيل الدول الأفريقية في المجلس، كما أنها أيضاً عضو في مجموعة دول البريكس و في ذات الوقت هي دولة ديمقراطية و تتمتع بعلاقات جيدة مع الغرب ما يعزز فرصها في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن.

و تجدر الإشارة إلى أنه يواجه هذا الاقتراح لتوسيع عضويته تحديات متعددة، بما في ذلك مقاومة من الدول الدائمة الحالية في المجلس وصعوبة التوصل إلى اتفاق دولي حول هذه القضية،  تظل هذه الدول المذكورة ملتزمة بجعل المجلس أكثر تمثيلاً للواقع الدولي الحالي، وعلى الرغم من التحديات، يظل تمثيل أوسع في مجلس الأمن يمكن أن يساعد في زيادة شرعية قراراته وتحقيق التوازن في القرارات الدولية.
و في كل الأحوال، إن توسيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بضم أعضاء دائمين جدد، يعد مسألة معقدة ومثيرة للجدل، وهي تدور حول الحاجة إلى تحقيق التوازن بين هياكل السلطة التاريخية والحقائق الجيوسياسية المعاصرة والرغبة في إنشاء هيئة أمنية عالمية أكثر شمولاً وفعالية وشرعية. 
ورغم أن إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يواجه العديد من التحديات، فإنه يظل مسعى حاسما في السعي إلى إقامة نظام دولي عادل وفعال قادر على معالجة المخاوف الأمنية الأكثر إلحاحا في العالم بشكل فعال. وفي نهاية المطاف، فإن الطريق إلى التوسع والدول التي من المحتمل أن تنضم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كأعضاء دائمين سوف يتطلب التفاوض الدقيق والدبلوماسية وبناء الإجماع بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
الولايات المتحدة تدعم توسيع مجلس الأمن كخطوةٍ أولى لحل الأزمات الدولية:
إذ أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن،  دعمه توسيع مجلس الأمن وزيادة عدد الأعضاء الدائمين فيه، وتطرق في الوقت ذاته لأبرز الملفات الدولية ومنها الحرب على أوكرانيا.
وقال بايدن، في كلمة ألقاها بافتتاح الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن إدارته قامت بسلسلة من المشاورات من أجل توسيع مجلس الأمن وزيادة عدد أعضائه الدائمين، مضيفا أنها ستستمر في ذلك.
وتابع أن مستقبل بلاده مرتبط بمستقبل العالم وأنه لا يمكن لأي دولة أن تواجه تحديات اليوم بمفردها.
كما تحدث عن استمرار الجهود الأميركية لإصلاح منظمة التجارة العالمية والحفاظ على المنافسة والانفتاح والشفافية وسيادة القانون.
وفي موضوع آخر، قال الرئيس الأميركي إن هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمارات وحشد التمويل لمقاومة تغير المناخ والحد من الانبعاثات التي تسبب الاحتباس الحراري.
وأضاف أن إدارته تعاملت منذ اليوم الأول مع أزمة المناخ باعتبارها تهديدا وجوديا ليس للولايات المتحدة فقط بل للبشرية جمعاء.
وقال إن مجموعة الدول السبع تعهدت بالعمل لتعبئة 600 مليار دولار بشكل جماعي لتمويل البنية التحتية بحلول عام 2027.
كما قال بايدن إن واشنطن ستسعى لتعزيز السياسات كي تكون تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي آمنة.
وتطرق الرئيس الأميركي جو بايدن في كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة إلى ملفات دولية في مقدمتها الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقال بايدن إن روسيا تتحمل مسؤولية ما وصفها بالحرب غير المشروعة في أوكرانيا وقادرة على إنهائها، متهما موسكو بأنها تعترض وحدها طريق السلام، ودعا الرئيس الأميركي إلى الوقوف في وجه ما وصفه بالعدوان الروسي السافر اليوم لردع أي معتدين محتملين آخرين في المستقبل.
وتعهد بأن تواصل بلاده دعم أوكرانيا، وقال إنها لن تقبل استمرار الحرب ضدها دون محاسبة، مضيفا أن "روسيا تعتقد أن العالم سيتعب وسيسمح لها بمعاملة أوكرانيا بوحشية دون عواقب"، كما اتهم بايدن روسيا بتقويض اتفاقيات عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وفي موضوع آخر، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن إيران يجب أن لا تمتلك أبدا أسلحة نووية، وأضاف أن بلاده تعمل مع شركائها للتصدي لما وصفها بأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار والتي تهدد الأمن الإقليمي والعالمي، بحسب تعبيره.
وفيما يخص العلاقة مع الصين، قال بايدن إنه لا يريد للمنافسة مع الصين أن تتحول إلى نزاع، موضحا أن واشنطن مستعدة للعمل مع بكين بشأن القضايا الرئيسية وخصوصا أزمة المناخ المتسارعة، وندد الرئيس الأميركي باستمرار كوريا الشمالية في انتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي، مؤكدا التزام بلاده بالدبلوماسية لتحقيق نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية.
وفي الملف الفلسطيني، قال بايدن إن واشنطن ستواصل العمل بلا كلل لتحقيق سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين بهدف إقامة دولتين لشعبين وتطرق الرئيس الأميركي إلى الفيضانات التي ضربت شرق ليبيا مؤخرا ووصفها بالمأساوية، مشيرا إلى أنها خلفت آلاف الضحايا.
من جهة أخرى، أكد بايدن وقوف بلاده إلى جانب الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لدعم الأنظمة الدستورية في الدول الأفريقية، وفي شأن آخر، تعهد الرئيس الأميركي بأن تبذل الولايات المتحدة الجهود للحد من مخاطر أسلحة الدمار الشامل وتعمل مع شركائها لتوفير القدرات اللازمة لتعطيل "الإرهاب" مع تطور طبيعة التهديدات.
و هكذا، تظهر في الآونة الأخيرة العديد من المؤشرات الدالة على قُرب بزوغ نظام دولي جديد تتغير فيه موازين القوى الدولية لصالح بعض القوى الدولية أو الإقليمية، فما يشهده العالم من تزايد التوتر بين الغرب و روسيا و زيادة التفاهمات بين دول الشرق الأوسط و منها تركيا و المملكة العربية السعودية مع روسيا و إيران و الصين تندر بتغير قواعد اللعبة على الساحة الدولية مع كون المستفيد الأكبر هو الدول الإقليمية الصاعدة حديثاً على مسرح السياسة الدولية، و لكن السؤال الأبرز الذي يطرح هنا هو عن آلية و كيفية تغير مبادئ و معايير النظام الدولي، إذ لطالما أثبتت التجارب التاريخية أن انتقال الزعامة و النفوذ في النظام الدولي دائماً ما يجري عبر الحروب و النزاعات المسلحة تماماً كما حدث في الحرب العالمية الأولى و الثانية، فهل سيتم تغيير النظام الدولي في القرن الواحد و العشرين عبر آليات سلمية سلسة أم أن العالم على موعد مع حربٍ كُبرى تتحدد بموجبها مكانة كلِّ دولةٍ على رقعة الشطرنج العالمية؟..