بَعدَ زِلزَالِ المَغرِبِ وَ إعصَارِ ليبيا.. هل من ارتباطٍ بينَ التَغَيُّرِ المَناخيّ والكوارثِ الطبيعيّة؟

إعداد - مروة شاهين - تقرير خاص - بث:
بعد عامٍ مليئٍ بالكواراث الطبيعية خصوصاً في المنطقة العربية و الشرق أوسطية، حيثُ شهدت منطقة الشرق الأوسط زلزال سوريا و تركيا المدمر، بالإضافة إلى موجات الحرارة العالية التي ضربت المنطقة، شهدت والمملكة المغربية كارثة لم تشهد مثلها منذ سنوات طويلة، حيثُ ارتفعت حصيلة قتلى الزلزال المدمر، الذي ضرب الجمعة الماضية أجزاء من المغرب إلى 2862 قتيلا وبلغ عدد الجرحى 2562 شخصا، بينما تكثف السلطات الجهود لفتح الطرق سعيا للوصول إلى المناطق المعزولة.
وتتواصل عمليات البحث بالقرى الجبلية المنكوبة، خاصة إقليم الحوز، حيث يسابق رجال الإنقاذ المغاربة الوقت - بدعم من فرق أجنبية - في المناطق التي ضربها الزلزال، للعثور على ناجين وتقديم المساعدة للمشردين الذين دمرت منازلهم.
وأكدت الحكومة أنه تمت تعبئة كل القدرات والأجهزة للوصول إلى جميع المتضررين، في وقت وصلت تعزيزات كبيرة من الجيش إلى منطقة أمزميز بضواحي مدينة مراكش لدعم جهود الإنقاذ.
كما أعلنت الحكومة إطلاق برنامج لإعادة إعمار المناطق المتضررة.
وذكر رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في مؤتمر صحفي أمس الاثنين بالرباط، أن "الحكومة تعمل على اعتماد عرض واضح ومدقق بهذا الخصوص وسيتم الإعلان عنه الأيام المقبلة".
وبدأت السلطات نصب الخيام في الأطلس الكبير حيث دمرت قرى بكاملها جراء الزلزال.
كما يعمل مسعفون ومتطوعون وأفراد من القوات المسلحة للعثور على ناجين وانتشال جثث من تحت الأنقاض، خصوصا في قرى إقليم الحوز مركز الزلزال جنوب مدينة مراكش السياحية وسط المملكة.
وذكرت الداخلية في بيان أن "السلطات المغربية استجابت في هذه المرحلة بالذات لعروض الدعم التي قدمتها الدول الصديقة إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والتي اقترحت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ" في حين ذكر وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن ما بين 60 و70 دولة عرضت تقديم الدعم.
وأدى الزلزال - الذي ضرب منطقة الأطلس الكبير في وقت متأخر من مساء الجمعة وناهزت قوته 6.8 درجات وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية- إلى دمار واسع في بلدات وقرى بأقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت، وخلف أضرارا في مراكش، وظهرت مشاهد الركام والتشققات بالمنازل والشوارع حيث تبحث فرق الإنقاذ عن ناجين محتملين.
وقال مرصد الزلازل الأورومتوسطي إنه سجل أول أمس هزة أرضية بقوة 4.5 درجات على مقياس ريختر على بعد 77 كيلومترا جنوب غربي مراكش.
أما في ليبيا، وصل عدد القتلى جراء السيول التي تسببت بها العاصفة دانيال التي ضربت سواحل ليبيا، إلى 5300 مع وجود نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين، وفقا لمسؤول بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، في وقت طالب فيه رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بفتح تحقيق في كارثة انهيار سديْ درنة.
و في الأثناء، أعلن وكيل وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية سعد الدين عبد الوكيل أن فرق الإنقاذ المحلية والدولية تمكنت من إنقاذ 510 أشخاص من تحت الأنقاض في مدينة درنة، مشيرا إلى أن عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث لا تزال مستمرة وتحتاج إلى بعض الوقت نظرا لوجود آلاف المفقودين.
ولفت عبد الوكيل إلى أن هناك العديد من المناطق، بينها سوسة والمخيلي والوردية (شرق)، تحتاج لتدخل عاجل، لذا سيكون التركيز عليها في الساعات القادمة بإرسال الفرق الطبية والمساعدات وعناصر الإنقاذ.
و قال رئيس مصلحة الطرق والجسور الليبية حسين سويدان إن السيول التي تسببت بها العاصفة دانيال جرفت كل المباني السكنية المجاورة لوادي درنة، وإن 3 ملايين متر مربع هي المساحة المتضررة بشكل بالغ في مدينة درنة، في حين أن المساحة التي جرفتها السيول، أو شهدت انهيارات، بلغت نحو 900 ألف متر مربع.
وأضاف حسين أن طول شبكة الطرق المنهارة في درنة هو 30 كيلومترا، مع انهيار 5 جسور تربط بين شرقي المدينة وغربيها.
و أظهرت صور أقمار اصطناعية حجم الدمار الذي لحق بالمناطق السكنية في درنة، ويبدو واضحا انهيار كامل لأحد سديّ المدينة مقارنة مع حالته قبل الطوفان.
على صعيد آخر، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إنه طلب من النائب العام فتح تحقيق شامل في وقائع الفيضانات التي اجتاحت درنة، ومحاسبة كل من أخطأ أو أهمل بالامتناع، أو بالقيام بأفعال نجم عنها انهيار سدي المدينة.
وأكد المنفي -في منشور على منصة إكس- أن التحقيقات ستشمل كل من عطّل جهود الإغاثة الدولية، أو عرقل وصولها إلى المدن المنكوبة.
من جهته، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية إنه خاطب النائب العام لفتح تحقيق عاجل في ملابسات الواقعة، ووجّه الأجهزة المعنية بالتعاون الكامل في ذلك.
التَغَيُّرُ المناخي.. أبرزُ مُشكلاتنا المُعاصِرة:
يعد تغير المناخ أحد التحديات العالمية الأكثر إلحاحا في عصرنا، ويشير إلى التغيرات الكبيرة وطويلة المدى في متوسط درجة الحرارة وأنماط الطقس والعوامل المناخية الأخرى على الأرض.
وفي حين أن تغير المناخ هو عملية طبيعية، فإن التغيرات السريعة والمثيرة للقلق التي لوحظت في العقود الأخيرة يمكن أن تعزى في المقام الأول إلى الأنشطة البشرية، إلا أنه من الضروري استكشاف الأسباب الرئيسية لتغير المناخ، مع التركيز على العوامل التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري وعواقبها.
1. انبعاثات الغازات الدفيئة: المحرك الرئيسي لتغير المناخ المعاصر هو الزيادة في انبعاثات الغازات الدفيئة. تؤدي الأنشطة البشرية، مثل حرق الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز الطبيعي) للطاقة والعمليات الصناعية والنقل، إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O) في الغلاف الجوي. تحبس هذه الغازات حرارة الشمس، مما يخلق "تأثير الاحتباس الحراري" الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب. و لقد ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بشكل ملحوظ منذ الثورة الصناعية، مما ساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري.
2. إزالة الغابات: تساهم إزالة الغابات على نطاق واسع، وخاصة في الغابات الاستوائية المطيرة، في تغير المناخ. إذ تمتص الأشجار ثاني أكسيد الكربون من الجو وتخزن الكربون في كتلتها الحيوية. و عندما تتم إزالة الغابات لأغراض الزراعة أو قطع الأشجار أو التنمية الحضرية، يتم إطلاق هذا الكربون المخزن مرة أخرى إلى الغلاف الجوي. كما أن إزالة الغابات تقلل من قدرة الأرض على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
3. الزراعة وتغيرات استخدام الأراضي: تساهم الزراعة، وخاصة تربية الماشية، في تغير المناخ من خلال انبعاثات غاز الميثان الناتج عن التخمر المعوي في الأبقار وحقول الأرز. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي تحويل المناظر الطبيعية إلى أراضٍ زراعية إلى إطلاق الكربون من التربة والغطاء النباتي.
4. العمليات الصناعية: تطلق بعض العمليات الصناعية غازات دفيئة قوية مثل مركبات الهيدروفلوروكربون (HFCs)، والمركبات المشبعة بالفلور (PFCs)، وسداسي فلوريد الكبريت (SF6). وتنطوي هذه الانبعاثات الصناعية على قدرة أعلى بكثير على إحداث الانحباس الحراري العالمي مقارنة بثاني أكسيد الكربون، على الرغم من أن تركيزاتها أقل.
5. إدارة النفايات: تؤدي الإدارة غير السليمة للنفايات، بما في ذلك تحلل النفايات العضوية في مدافن النفايات، إلى توليد انبعاثات غاز الميثان، و يعد تقليل انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن التخلص من النفايات أمرًا ضروريًا للتخفيف من تغير المناخ.
6. استخدام الأراضي والتوسع الحضري: يمكن أن يساهم التحضر والتغيرات في استخدام الأراضي في التأثيرات المناخية المحلية، مثل تأثير الجزر الحرارية الحضرية، حيث تشهد المدن درجات حرارة أعلى من المناطق الريفية المحيطة بها. و تؤثر هذه التغييرات أيضًا على أنماط الطقس المحلية وهطول الأمطار.
7. ذوبان الجليد وارتفاع مستويات سطح البحر: نتيجة للاحتباس الحراري، تذوب القمم الجليدية والأنهار الجليدية القطبية بمعدل متسارع. ويؤدي ذلك إلى ارتفاع منسوب مياه البحر، مما يهدد المجتمعات الساحلية والنظم البيئية.
8. حلقات ردود الفعل: يؤدي تغير المناخ إلى حلقات ردود أفعال يمكنها تضخيم آثاره. على سبيل المثال، مع ذوبان الجليد في القطب الشمالي، فإنه يقلل من انعكاس الكوكب، مما يؤدي إلى امتصاص المزيد من أشعة الشمس من قبل المحيط، مما يؤدي إلى تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري.
9. العوامل الطبيعية: في حين أن الأنشطة البشرية هي المحركات الأساسية لتغير المناخ المعاصر، فإن العوامل الطبيعية مثل الانفجارات البركانية والتغيرات في الإشعاع الشمسي يمكن أن تؤثر أيضًا على المناخ. ومع ذلك، فإن تأثيرها صغير نسبيًا مقارنة بالتغيرات التي يحدثها الإنسان.
و لهذا، فإن تغير المناخ مدفوع في المقام الأول بالأنشطة البشرية، وخاصة انبعاث الغازات الدفيئة. إن عواقب تغير المناخ، بما في ذلك الظواهر الجوية المتكررة والقوية، وارتفاع منسوب مياه البحر، واضطرابات النظم البيئية، تشكل تحديات كبيرة لكوكب الأرض. للتخفيف من تغير المناخ، هناك ضرورة عالمية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، وحماية الغابات واستعادتها، وتنفيذ ممارسات الاستخدام المستدام للأراضي، و تتطلب معالجة تغير المناخ عملاً جماعياً على المستويات الدولية والوطنية والفردية لضمان مستقبل مستدام وصالح للسكن للأجيال القادمة.
عواقبُ تغيُّرِ المناخ و علاقاته بالكواراث الطبيعية:
لقد أصبح تغير المناخ، الناجم في المقام الأول عن الأنشطة البشرية، أحد التحديات العالمية الأكثر أهمية في عصرنا، إذ إن عواقبه بعيدة المدى وخطيرة، وتؤثر على جوانب مختلفة من بيئتنا ومجتمعاتنا واقتصاداتنا، و فيما يلي العواقب الخطيرة الرئيسية لتغير المناخ التي تهدد كوكب الأرض و سكانه:
1. الظواهر الجوية المتطرفة: يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة. ويشمل ذلك موجات الحر الأكثر تواتراً وشدة، والأعاصير، والجفاف، والأمطار الغزيرة، مما يؤدي إلى عواقب مدمرة مثل حرائق الغابات والفيضانات وفشل المحاصيل. وتشكل هذه الأحداث تهديدات كبيرة لحياة البشر والبنية التحتية والأمن الغذائي.
2. ارتفاع مستويات سطح البحر: يؤدي ذوبان القمم الجليدية والأنهار الجليدية القطبية، إلى جانب التمدد الحراري لمياه البحر بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إلى ارتفاع مستويات سطح البحر. وتعرض هذه الظاهرة المجتمعات الساحلية للخطر، مما يسبب التآكل والفيضانات وتشريد الملايين من الناس. والمناطق الساحلية المنخفضة والجزر معرضة للخطر بشكل خاص.
3. تحمض المحيطات: لا تؤدي زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى تحمض المحيطات. تمتص المحيطات جزءًا كبيرًا من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، والذي يتفاعل مع مياه البحر لتكوين حمض الكربونيك. ويضر هذا التحمض بالنظم البيئية البحرية، بما في ذلك الشعاب المرجانية ومجموعات المحار، مما يهدد الأمن الغذائي والتنوع البيولوجي.
4. تعطيل النظم البيئية: تغير المناخ يعطل النظم البيئية والتنوع البيولوجي. تكافح الأنواع للتكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة، مما يؤدي إلى تحولات في أنماط الهجرة، وتغيير أوقات التكاثر، وزيادة التنافس على الموارد. و يمكن أن تؤدي هذه الاضطرابات إلى انقراض الأنواع المعرضة للخطر وتؤثر سلبًا على استقرار النظم البيئية.
5. ندرة المياه: تساهم التغيرات في أنماط هطول الأمطار وزيادة معدلات التبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة في ندرة المياه في العديد من المناطق. ويؤثر ذلك على توافر مياه الشرب والزراعة، مما يؤدي إلى صراعات على موارد المياه وتعريض الأمن الغذائي للخطر.
6. الآثار الصحية: لتغير المناخ عواقب صحية مباشرة وغير مباشرة. ويمكن لموجات الحر الأكثر تواترا وشدة أن تسبب أمراضا ووفيات مرتبطة بالحرارة. تؤثر أنماط المناخ المتغيرة أيضًا على انتشار أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا حيث توسع نواقل الأمراض نطاقاتها.
7. انعدام الأمن الغذائي: يشكل تغير المناخ تهديدا كبيرا لإنتاج الغذاء العالمي. وتتعرض غلات المحاصيل بشكل متزايد للتأثر بالظواهر الجوية المتطرفة، والتحولات في مواسم النمو، وندرة المياه. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقصها، مما يؤثر على الفئات السكانية الأكثر ضعفاً.
8. الاضطراب الاقتصادي: إن عواقب تغير المناخ لها تداعيات اقتصادية كبيرة. إن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، وانخفاض الإنتاجية الزراعية، والعبء المالي للتعافي من الكوارث، كلها عوامل تضغط على الاقتصادات على المستويين المحلي والوطني.
9. عدم المساواة الاجتماعية: يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية القائمة. وغالباً ما تعاني المجتمعات الضعيفة، بما في ذلك تلك التي تعاني من الفقر والفئات المهمشة، بشكل غير متناسب من عواقبها. وقد تكون فرص حصولهم على الموارد محدودة ويواجهون تحديات أكبر في التكيف مع الظروف المتغيرة.
10. المخاطر الأمنية العالمية: يمكن أن يكون تغير المناخ بمثابة "عامل مضاعف للتهديدات"، مما يؤدي إلى تفاقم التحديات الأمنية القائمة. يمكن أن يؤدي النزوح بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر وندرة الموارد إلى صراعات على الأراضي والموارد، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المناطق وتفاقم التوترات الدولية.
و في كل الأحوال ، لا يشكل تغير المناخ تهديدا بعيدا أو مجردا؛ إنها أزمة يومنا هذا ذات عواقب وخيمة وخطيرة، وتمتد آثارها عبر المجالات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، مما يؤثر على جميع جوانب الحياة البشرية.
تأثيراتُ تغيير المناخ على الأنشطة الزلزالية.. حقيقةُ الترابُطِ بين الظاهرتين:
يتسبب تغير المناخ في تغيرات واسعة النطاق على كوكبنا، مما يؤثر على العمليات والأنظمة الطبيعية المختلفة. في حين أن تغير المناخ في حد ذاته لا يسبب أنشطة زلزالية أو زلازل بشكل مباشر، إلا أنه يمكن أن يؤثر على العوامل الجيولوجية التي تساهم في مثل هذه الأحداث. فما تأثير تغير المناخ على الأنشطة الزلزالية والزلازل، و ما حقيقة ارتباطه بالانهيارات الأرضية والظواهر الجيولوجية الأخرى.
1. التكيف التوازني الجليدي: إحدى الطرق التي يمكن أن يؤثر بها تغير المناخ بشكل غير مباشر على الأنشطة الزلزالية هي من خلال التكيف التوازني الجليدي. فمع ذوبان الأنهار الجليدية والقمم الجليدية القطبية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، يقل الوزن الهائل على القشرة الأرضية. يمكن أن يؤدي هذا إلى ارتداد القشرة أو رفعها، مما قد يؤدي إلى حدوث زلزال يعرف باسم الزلازل الارتدادية بعد العصر الجليدي. يمكن أن تكون هذه الزلازل صغيرة نسبيًا ولكن لا يزال لها تأثيرات محلية.
2. ارتفاع مستوى سطح البحر والتآكل الساحلي: يمكن أن يساهم ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن تغير المناخ في تآكل السواحل. ويمكن أن يؤثر هذا التآكل بدوره على استقرار التضاريس الساحلية ويؤدي إلى انهيارات أرضية، خاصة في المناطق ذات الخطوط الساحلية شديدة الانحدار. كما يمكن أن تولد الانهيارات الأرضية موجات زلزالية غالبًا ما يتم الخلط بينها وبين الزلازل ويمكن أن تسبب أضرارًا كبيرة للمجتمعات الساحلية.
3. التغيرات في الهيدرولوجيا: تغير المناخ يمكن أن يغير أنماط هطول الأمطار، مما يؤدي إلى تغيرات في النظام الهيدرولوجي للأرض. يمكن أن يؤثر هطول الأمطار الغزيرة أو فترات الجفاف الطويلة على ضغط المسام في مناطق الصدع. و يمكن أن تؤثر زيادة ضغط المسام على الاحتكاك على طول خطوط الصدع، مما قد يؤدي إلى أحداث زلزالية. وفي حين أن الارتباط ليس مباشرًا أو مفهومًا جيدًا، إلا أن التغيرات في الهيدرولوجيا يمكن أن تلعب دورًا في النشاط الزلزالي.
4. الزلازل الجليدية: عندما تذوب الأنهار الجليدية، فإنها تطلق كميات هائلة من المياه إلى التضاريس المحيطة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تشحيم خطوط الصدع وزيادة الضغط على طول مناطق الصدع الجيولوجي، مما قد يؤدي إلى حدوث زلازل جليدية. هذه الزلازل فريدة من نوعها من حيث أنها تنتج عن حركة كميات كبيرة من المياه الذائبة بدلاً من العمليات التكتونية.
5. النشاط الزلزالي المستحث: يمكن أن يؤثر تغير المناخ بشكل غير مباشر على النشاط الزلزالي المستحث، وهو نشاط زلزالي ناجم عن الأنشطة البشرية مثل التكسير الهيدروليكي أو النشاط الزلزالي الناجم عن الخزان بسبب بناء السدود. قد تؤثر التغيرات في أنماط هطول الأمطار أو توافر المياه بسبب تغير المناخ على هذه الأنشطة التي يتسبب فيها الإنسان، مما يؤدي إلى تغيرات في النشاط الزلزالي في مناطق معينة.
هبوط الأراضي: في المناطق الساحلية، يمكن أن يؤدي الإفراط في استخراج المياه الجوفية لأغراض الزراعة والصناعة ومياه الشرب إلى هبوط الأراضي. يمكن أن يؤدي هذا الهبوط إلى زيادة احتمالية حدوث الزلازل أو تضخيم آثارها عن طريق تغيير أنماط الضغط في القشرة الأرضية.
و في حين أن الروابط بين تغير المناخ والأنشطة الزلزالية معقدة وغير مفهومة بالكامل بعد، فمن الواضح أن تغير المناخ يمكن أن يؤثر بشكل غير مباشر على العمليات الجيولوجية. وتختلف هذه التأثيرات إقليميًا وتعتمد على الظروف الجيولوجية والهيدرولوجية المحددة لكل منطقة. ومع ذلك، فإن احتمال أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم المخاطر الزلزالية يؤكد أهمية فهم عواقبه والتخفيف من آثاره.
و في الختام، في حين أن تغير المناخ نفسه لا يسبب بشكل مباشر الأنشطة الزلزالية أو الزلازل، فإن تأثيره على العوامل الجيولوجية مثل الارتداد الجليدي، وتآكل السواحل، والهيدرولوجيا، وهبوط الأرض يمكن أن يسهم في التغيرات في النشاط الزلزالي. ومع استمرار تغير المناخ في إعادة تشكيل كوكبنا، فمن الضروري أن يقوم العلماء وصناع السياسات والمجتمعات برصد هذه الديناميكيات الجيولوجية المتطورة والتكيف معها للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالأحداث الزلزالية وعواقبها و الحفاظ على الجهوزية الممكنة للتعامل مع أي حالات قد تتضمن أي نشاط زلزالي أو إعصاري محتمل.