مَن يَقِفُ خَلفَ صِراعِ العرب و الأكراد في سوريا؟
إعداد - مروة شاهين - تقرير خاص “ بث"
الشمال السوري هو منطقة تحمل أهمية استراتيجية كبيرة ضمن الساحة الجغرافية السورية، و تعتبر هذه المنطقة جزءًا حيويًا من السور، وهي تحظى بانقسام جغرافي يمتد على الحدود الشمالية للبلاد، حيث تتشكل محافظات مثل حلب والرقة والحسكة. و تاريخيًا، كان للشمال السوري دور مهم في السياسة والاقتصاد والثقافة السورية.
و يعد الشمال السوري مركزًا للأحداث الجيوسياسية في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها. فهي تتقاطع مع حدود تركيا إلى الشمال والعراق إلى الشرق، مما يجعلها مفترقًا للمصالح الإقليمية والدولية، كما تحمل هذه المنطقة أهمية استراتيجية بالنسبة للعديد من القضايا والتحديات، بما في ذلك الأمن والسياسة والاقتصاد والشؤون الإنسانية.
بالإضافة إلى ذلك، يتعامل الشمال السوري مع قضايا داخلية معقدة، مثل التوترات بين مكوناتها السكانية المتنوعة والتحديات الإنسانية التي نشأت نتيجة النزاعات المتعددة التي شهدتها المنطقة، و إن تأثير هذه القضايا على الحياة اليومية للسكان والبيئة السياسية والاقتصادية يمنح الشمال السوري مكانة استراتيجية لا تُستهان بها على الساحة الإقليمية والدولية.
في هذا السياق، يعد فهم الوضع في الشمال السوري وتحليل أهميته الاستراتيجية أمرًا حيويًا لفهم أبعاد النزاع السوري والتأثيرات الإقليمية والدولية المرتبطة به، إذ تتمتع منطقة شمال سوريا بأهمية استراتيجية كبيرة في السياق الأوسع للصراعات السورية والشرق أوسطية، هناك عدة عوامل رئيسية تساهم في أهميتها الاستراتيجية:
1. الموقع الجغرافي: موقع شمال سوريا على مفترق طرق الشرق الأوسط يضعه في مركز الديناميكيات الإقليمية. وتشترك في الحدود مع تركيا من الشمال، والعراق من الشرق، والمدن السورية الرئيسية مثل حلب والرقة، و إن قربها من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة يجعلها منطقة حاسمة لاستعراض القوة.
2. السيطرة على طرق الإمداد الرئيسية: يحتوي شمال سوريا على طرق إمداد حيوية وطرق سريعة، بما في ذلك الطرق السريعة M4 وM5، والتي تعتبر ضرورية لحركة البضائع والقوات العسكرية والمساعدات الإنسانية. وتسمح السيطرة على هذه الطرق للجهات الفاعلة بممارسة التأثير على تدفق الموارد.
3. المسألة الكردية: لفت وجود السكان الأكراد في شمال سوريا، وخاصة الأكراد السوريين المنتمين إلى وحدات حماية الشعب، انتباه القوى الإقليمية والدولية. وقد لعبت الجماعات الكردية دوراً مهماً في القتال ضد تنظيم داعش، وقد أدت تطلعاتها إلى الحكم الذاتي إلى خلق توترات مع الدول المجاورة، ولا سيما تركيا.
4. موارد الطاقة: شمال سوريا هو موطن لبعض احتياطيات سوريا المتواضعة من النفط والغاز. ولهذه الموارد أهمية اقتصادية، ويمكن أن توفر السيطرة عليها إيرادات لتمويل الأنشطة العسكرية أو جهود إعادة الإعمار.
5. أزمة اللاجئين: كانت المنطقة ملاذاً للسوريين النازحين داخلياً واللاجئين من أجزاء أخرى من البلاد. ولم يتسبب هذا في خلق أزمة إنسانية فحسب، بل كان أيضًا بمثابة أداة محتملة للتأثير أو زعزعة الاستقرار من قبل مختلف الجهات الفاعلة.
6. النفوذ الروسي والإيراني: كان شمال سوريا نقطة محورية للتدخل الروسي والإيراني في سوريا. وأنشأت روسيا قواعد عسكرية في المنطقة، في حين دعمت إيران ميليشيات مختلفة، و إن إن وجودهم في شمال سوريا يعزز نفوذهم العام في الشرق الأوسط.
7. الولايات المتحدة الوجود والعمليات ضد داعش: حافظت الولايات المتحدة على وجود عسكري في شمال سوريا لمحاربة داعش، وكانت القواعد الأمريكية في المنطقة حاسمة في تنفيذ الضربات الجوية، ودعم الشركاء المحليين كالأكراد و بعض الجماعات المتعاونة مع الولايات المتحدة.
8. الحرب بالوكالة: شهد شمال سوريا صراعات بالوكالة بين القوى الإقليمية، حيث تدعم الجهات الفاعلة المختلفة الفصائل والميليشيات المتعارضة. وتؤدي هذه الحرب بالوكالة إلى تفاقم عدم الاستقرار العام في المنطقة.
9. الأثر الإنساني: أدى الصراع في شمال سوريا إلى معاناة إنسانية كبيرة، بما في ذلك النزوح، ونقص الضروريات الأساسية، وتحديات الرعاية الصحية. ويرتبط استقرار المنطقة ارتباطا وثيقا بمعالجة هذه الأزمات الإنسانية.
باختصار، تنبع الأهمية الاستراتيجية لشمال سوريا في الصراعات السورية والشرق أوسطية من موقعها الجغرافي، وسيطرتها على طرق الإمداد الرئيسية، والمسألة الكردية، وموارد الطاقة، وأزمة اللاجئين، ونفوذ القوى الإقليمية والدولية الكبرى، ودورها كمسرح للحرب بالوكالة. و إن كل هذه العوامل تجعل المنطقة نقطة محورية للمنافسة والصراع والجهود المبذولة لتشكيل مستقبل سوريا والشرق الأوسط الكبير.
إشتعالُ فتيل الإقتتال في الشمال السوري بين العشائر العربية و الأكراد:
طالبت قبيلة العكيدات إحدى أكبر العشائر العربية في سوريا، بضمانات أميركية للتهدئة مع ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حيث يخوض الطرفان قتالا عنيفا منذ أيام في شرق البلاد وتوسع ليشمل مناطق جديدة شمالا.
ونقلت وكالة الأناضول (التابعة للحكومة التركية التي تدعم العشائر العربية في صراعها مع قسد) عن شيخ قبيلة العكيدات إبراهيم الهفل، أن العشائر تطالب بضمانات أميركية للتهدئة مع قسد، (التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري)، وكذلك إعادة هيكلة مجلسها العسكري بحيث يقوده ضباط من أبناء المنطقة التي يقطنها العرب.
وفوّض الهفل - وفقا للبيان- منظمة "مواطنون من أجل أميركا آمنة" لنقل مطالب عشائر دير الزور (شرق سوريا) للإدارة الأميركية والكونغرس.
وتضمنت المطالب، وفق المصدر ذاته، وقف إطلاق النار بشكل فوري، وإجلاء جثث قتلى الاشتباكات الأخيرة وإدخال المساعدات، وفرض وجود الضامن الأميركي على الأرض لمنع عمليات خرق الهدنة المفترضة. كما تضمنت التفاوض مع الجانب الأميركي بشكل مباشر، وضمان الولايات المتحدة حماية الهفل ومن معه من القادة.
وكانت قسد أعلنت إبراهيم الهفل مطلوبا لها بعد توسع الاشتباكات مع العشائر واعتبرته سببا "للفتنة" في المنطقة.
الولايات المتحدة الأمريكية تدخُلُ إلى خط الصراع :
إذ أوفدت واشنطن مسؤولَين رفيعين اجتمعا الأحد الماضي مع قيادات من الطرفين المتحاربين، واتفقوا على "نظر المظالم المحلية" و"وقف تصعيد العنف بأسرع ما يمكن"، إلا أنه لم يُعلن وقتها عن أي اتفاق.
واندلعت الأسبوع الماضي اشتباكات بالريف الشرقي لمحافظة دير الزور (شرقي البلاد) بعد اعتقال قسد، المدعومة أميركيا، قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لها أحمد الخبيل، مما دفع مقاتلين محليين موالين له إلى شن هجمات عليها سرعان ما تطورت إلى اشتباكات انضمت إليها العشائر العربية، التي ينتمي إليها سكان المنطقة الممتدة حتى الحدود مع العراق شرقا، وأسفرت عن سيطرة العشائر على معاقل كبيرة لـ"قسد".
وامتد القتال لاحقا إلى ريفي محافظتي الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق) المجاورتين لمحافظة دير الزور، وسيطرت العشائر على عدد من المواقع التابعة لـ"قسد" فيهما.
على صعيد الاشتباكات، أعلن مقاتلو عشائر عربية سيطرتهم على قرية "زنقل" بمحيط منبج بريف حلب الشرقي (شمال غرب سوريا)؛ وذلك بعد مواجهات مع قسد في توسع جديد لرقعة القتال بين الطرفين.
و من جهتها، أعلنت "قوات سوريا الديمقراطية" انتهاء العمليات العسكرية في ذيبان، والبدء بتفتيش المنازل والأحياء بحثا عمن وصفتهم بالمسلحين المختبئين، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي قوله إنهم يبحثون عن "مجموعات مسلحة" قادمة من الضفة الغربية لنهر الفرات التي يسيطر عليها النظام السوري.
وأضافت أن "قوات سوريا الديمقراطية" تؤكد عدم وجود خلافات مع العشائر العربية، متهمةً من وصفتهم بالمسلحين بمحاولة خلق فتنة.
وتتقاسم السيطرة على محافظة دير الزور الغنية بالنفط والغاز ويقسمها نهر الفرات، قوات تابعة للنظام السوري مدعومة من روسيا ومليشيات إيرانية من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة من جهة أخرى.
مُناكفاتٌ تُركيةٌ-أميركية إثر الصراع في الشمال السوري:
حيثُ قالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إنها دعت الأطراف المتقاتلة في شمال شرقي سوريا إلى التوقف عن القتال والتركيز على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك خلال لقاء لمسؤولين أميركيين كبار مع قادة من ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" وزعماء القبائل في دير الزور.
في الأثناء، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأييده موقف العشائر العربية في اشتباكها مع "قوات سوريا الديمقراطية" - التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية - مع دخول الاشتباكات بين الجانبين يومها العاشر.
وأكد فيدانت باتل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن مسؤولين أميركيين كبارا -على رأسهم نائب مساعد وزير الخارجية غولدريتش والجنرال فويل- التقوا في شمالي سوريا قادة من "قوات سوريا الديمقراطية" ومجلس سوريا الديمقراطي وزعماء القبائل في دير الزور.
وأضاف أنهم اتفقوا على أهمية معالجة مظالم سكان مدينة دير الزور، ومخاطر التدخل الخارجي في المدينة، وتجنب سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، وضرورة وقف التصعيد والعنف في أسرع وقت ممكن.
كما أكد نائب مساعد وزير الخارجية والجنرال فويل على أهمية الشراكة الأميركية القوية مع "قوات سوريا الديمقراطية" في جهود دحر مقاتلي تنظيم الدولة.
في إطار آخر، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأييده للعشائر العربية، وقال -في تصريحات له- إن موقف العشائر العربية في هذا المجال وطني بوصفها صاحبة تلك المناطق الأصلية وليس حزب العمال الكردستاني، أو ما يعرف بوحدات حماية الشعب الكردية التي وصفها بأنها إرهابية.
ولفت أردوغان إلى أن هذين الطرفين ارتكبا المجازر بهدف السيطرة على حقول النفط في دير الزور، وأن تركيا وجهت التحذيرات اللازمة للدول المجاورة بهذا الشأن.
وفي ما يخص التوترات في كركوك (شمالي العراق)، قال أردوغان إن موطن التركمان هو في هذه المنطقة التي تعيش فيها ثقافات مختلفة، وتركيا لن تسمح بزعزعة السلام هناك.
وعن تطبيع العلاقات مع سوريا، قال أردوغان إن تطبيع العلاقات ممكن إذا تحقق تقدم في مجال مكافحة الإرهاب، وبشأن العودة الآمنة والطوعية للاجئين وعلى المسار السياسي.
وأدلى أردوغان بتصريحاته للصحفيين على متن الطائرة أثناء عودته من زيارة إلى مدينة سوتشي الروسية الاثنين التقى خلالها نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
الوجود العسكري الأميركي في سوريا.. الجُذورُ و الأهداف:
كان الوجود العسكري الأمريكي في سوريا منذ عام 2011 جانبًا معقدًا ومتطورًا للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، ما بدأ كمهمة محدودة لمواجهة تهديد تنظيم الدولة الإسلامية تحول إلى مشاركة متعددة الأوجه في الصراع المستمر في سوريا، لذا لا من تقديم لمحة عامة عن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وأهدافه وتحدياته وتداعياته.
أصول الوجود الأمريكي:
يمكن إرجاع تورط الولايات المتحدة في سوريا إلى اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011. في البداية، قدمت الولايات المتحدة مساعدات غير فتاكة ودعمًا دبلوماسيًا لجماعات المعارضة السورية. ومع ذلك، أدى صعود داعش في عام 2014 إلى حدوث تحول كبير في سياسة الولايات المتحدة، خوفًا من توسع الأراضي التي يسيطر عليها داعش في سوريا والعراق، بدأت الولايات المتحدة حملة عسكرية ضد التنظيم.
مكافحة الإرهاب والحرب ضد داعش:
كان الهدف الأساسي المعلن للوجود العسكري الأمريكي في سوريا هو مواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم داعش، حيثُ نفذت القوات الأمريكية، إلى جانب تحالف من الشركاء الدوليين، غارات جوية، وقدمت التدريب والدعم للقوات المحلية، ولعبت دورًا محوريًا في الهزيمة النهائية لتنظيم داعش الإقليمية في عام 2019.
الشراكات الكردية والتوترات التركية:
كان أحد الجوانب الرئيسية للاستراتيجية الأمريكية في سوريا هو شراكتها مع القوات التي يقودها الأكراد، وفي المقام الأول قوات سوريا الديمقراطية. وقد أثبتت هذه الجماعات التي يقودها الأكراد فعاليتها على الأرض في القتال ضد داعش. ومع ذلك، أدت هذه الشراكة إلى توتر العلاقات مع تركيا، حليفة الناتو، بسبب المخاوف بشأن العلاقات بين الميليشيات الكردية وحزب العمال الكردستاني، وهو منظمة إرهابية مصنفة في تركيا.
الأهداف المتغيرة والحقائق الجيوسياسية:
وبينما كان التركيز الأولي على مكافحة الإرهاب، توسع الوجود العسكري الأمريكي في سوريا تدريجياً لمعالجة أهداف أخرى. وشمل ذلك منع عودة تنظيم داعش، ومواجهة النفوذ الإيراني، ودعم الحل السياسي للصراع السوري. كما أنشأت الولايات المتحدة قواعد عسكرية في شمال شرق سوريا، مما ساهم في وجودها طويل الأمد في المنطقة.
التحديات والانتقادات:
واجه الوجود العسكري الأمريكي في سوريا عدة تحديات وانتقادات. وشملت هذه الأسئلة حول شرعية التدخل، واحتمال التصعيد مع روسيا وإيران، وكلاهما متورط في الصراع السوري. بالإضافة إلى ذلك، أدى الانسحاب المفاجئ للقوات الأمريكية من شمال شرق سوريا في عام 2019 إلى اتهامات بالتخلي عن الحلفاء الأكراد.
التداعيات والتوقعات المستقبلية:
اعتبارًا من آخر سبتمبر 2021، ظل مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في سوريا غير مؤكد، كانت الولايات المتحدة تخفض تدريجياً مستويات قواتها ولكنها تحافظ على وجودها لتأمين مصالحها. استمر الصراع المستمر في سوريا، والشبكة المعقدة من الجهات الفاعلة الإقليمية، والمشهد الجيوسياسي المتطور في الشرق الأوسط في تشكيل سياسة الولايات المتحدة في المنطقة.
في الختام، اتسم الوجود العسكري الأمريكي في سوريا منذ عام 2011 بتغير الأهداف، والنجاحات في مواجهة داعش، والتحديات في التعامل مع الديناميكيات الإقليمية، والانتقادات حول شرعيته واتجاهه الاستراتيجي، و دائماً كان الوضع ديناميكيًا وقابلاً للتغيير.
التدخُّل التركي في شمال سوريا.. الخلفيات و الأهداف:
يعد الوجود العسكري التركي في شمال سوريا جانبًا معقدًا ومثيرًا للجدل في الصراع السوري المستمر. لقد تطور التدخل التركي في المنطقة على مر السنين، مدفوعًا بمزيج من المخاوف الأمنية، والمصالح الجيوسياسية، والجهود المبذولة لمواجهة التهديدات المتصورة ، فما هي خلفيات الوجود العسكري التركي في شمال سوريا وأهدافه وتحدياته وتداعياته.
الأصول والأهداف:
يمكن إرجاع التدخل العسكري التركي في شمال سوريا إلى عام 2016 عندما أطلقت القوات التركية، إلى جانب الجماعات المتمردة السورية المتحالفة معها، عملية درع الفرات. كان الهدف الأساسي هو تطهير المنطقة الحدودية من مقاتلي داعش ومنع توسع وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) وفروعها السياسي، حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD). وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب/حزب الاتحاد الديمقراطي امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره منظمة إرهابية.
عملية غصن الزيتون وما بعدها:
وفي عام 2018، بدأت تركيا عملية غصن الزيتون، التي استهدفت منطقة عفرين التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب في شمال سوريا. وتهدف العملية إلى إنشاء منطقة عازلة تسيطر عليها تركيا على طول الحدود وزيادة إضعاف وجود وحدات حماية الشعب. وقد أثارت هذه الأعمال العسكرية اهتمامًا وانتقادًا دوليًا بسبب المخاوف بشأن سقوط ضحايا من المدنيين ونزوحهم.
المناطق العازلة والملاذات الآمنة:
وسعت تركيا إلى إنشاء مناطق عازلة وملاذات آمنة في شمال سوريا لإيواء اللاجئين السوريين وتوفير درجة من الاستقرار في المنطقة. لقد لاقت هذه المناطق نجاحًا متباينًا وواجهت تحديات تتعلق بالأمن والحكم.
العلاقات مع روسيا والولايات المتحدة:
إن الوجود العسكري التركي في شمال سوريا يضعها في موقف حساس في مواجهة كل من روسيا والولايات المتحدة. وبينما تعاونت تركيا مع روسيا في جوانب معينة من الصراع السوري، ظهرت الخلافات أيضًا، خاصة فيما يتعلق بنظام الأسد والمسألة الكردية. وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، أدت تصرفات تركيا في شمال سوريا، ولا سيما عملية نبع السلام في عام 2019، إلى توترات وخلافات داخل حلف الناتو.
الديناميكيات المحلية والمخاوف الإنسانية:
كان للوجود العسكري التركي آثار كبيرة على السكان المحليين في شمال سوريا. وقد اتُهمت بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك تهجير المجتمعات الكردية والتغييرات الديموغرافية في بعض المناطق.
التحديات والتداعيات المستمرة:
على الرغم من تعقد الأوضاع الأمنية في سوريا بأكملها، واصلت تركيا الحفاظ على وجودها العسكري في شمال سوريا، وتضمنت التحديات إدارة علاقاتها مع مختلف الجهات الفاعلة، ومعالجة التهديدات الأمنية، والتعامل مع الصراع السوري المعقد. كان الوضع ديناميكيًا وقابلاً للتغيير.
و في كل الأحوال ، كان الوجود العسكري التركي في شمال سوريا مدفوعًا بمخاوفها الأمنية، لا سيما فيما يتعلق بالجماعات الكردية، ومصالحها الجيوسياسية الأوسع في المنطقة. وكان لهذا الوجود آثار كبيرة على الصراع السوري، والديناميات الإقليمية، وعلاقات تركيا مع الجهات الفاعلة الدولية الرئيسية، كما يسلط الوضع المتطور في شمال سوريا الضوء على مدى تعقيد الصراع السوري والتحديات التي تواجه التوصل إلى حل مستدام.
الصراع الأميركي الروسي التركي على اقتسام النفوذ في الأراضي السورية:
كان الصراع الذي يشمل الولايات المتحدة وتركيا وروسيا في شمال سوريا جانبًا مركزيًا ومعقدًا للصراع السوري الأوسع. وقد سعت كل من هذه البلدان إلى تحقيق مصالحها الخاصة، الأمر الذي أدى في كثير من الأحيان إلى التوترات والأجندات المتنافسة، و فيما يلي بعض الديناميكيات الرئيسية لهذا الصراع:
1. الدعم الأمريكي للحلفاء الأكراد مقابل المخاوف التركية:
وكانت شراكة الولايات المتحدة مع القوات التي يقودها الأكراد، وفي المقام الأول قوات سوريا الديمقراطية، في الحرب ضد داعش، نقطة خلاف رئيسية مع تركيا. وتعتبر تركيا الميليشيا الكردية الرئيسية داخل قوات سوريا الديمقراطية، وحدات حماية الشعب، امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه كمنظمة إرهابية. وقد أدى ذلك إلى توتر العلاقات الأمريكية التركية، حيث دعمت الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب كقوة فعالة ضد داعش.
2. العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا:
نفذت تركيا عمليات عسكرية متعددة في شمال سوريا لمواجهة التهديد المتصور الذي تشكله وحدات حماية الشعب/حزب العمال الكردستاني. وكانت عمليات مثل درع الفرات (2016)، وغصن الزيتون (2018)، ونبع السلام (2019) تهدف إلى إنشاء مناطق تسيطر عليها تركيا على طول الحدود ودحر القوات الكردية. وقد أثارت هذه التصرفات انتقادات من الولايات المتحدة، التي حثت على ضبط النفس وسعت إلى التوسط بين تركيا والجماعات الكرديسوري.
3. التدخل الروسي ودعم النظام السوري:
وقد أدى تورط روسيا في سوريا كحليف رئيسي لنظام الأسد إلى تعقيد الوضع أكثر. ودعمت روسيا قوات الحكومة السورية وتعاونت في كثير من الأحيان مع الجماعات الكردية لمواجهة النفوذ التركي في شمال سوريا. وقد أدى هذا في بعض الأحيان إلى تعارض المصالح الروسية والتركية.
4. التفاعلات الأميركية الروسية:
لقد انخرطت الولايات المتحدة وروسيا في رقصة حساسة في شمال سوريا، وغالباً ما سعيتا لتحقيق أهداف متضاربة مع تجنب المواجهة المباشرة. وقد نشروا قوات وأنشأوا قواعد عسكرية في المنطقة. وقد سعت الولايات المتحدة إلى ردع نظام الأسد ومواجهة النفوذ الإيراني، في حين تهدف روسيا إلى دعم الحكومة السورية.
5. الآثار الأوسع:
وكان للصراع بين هذه القوى الثلاث في شمال سوريا آثار كبيرة على الصراع السوري ككل. وقد ساهمت في تفتيت سوريا، وتعقيد الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي، وأدت إلى مخاوف إنسانية، بما في ذلك النزوح وانعدام الأمن للسكان المحليين.
6. الديناميكيات المتطورة:
اعتبارًا من سبتمبر 2021، ظل الوضع في شمال سوريا ديناميكيًا، مع تغير التحالفات والظروف المتغيرة. وكانت الولايات المتحدة قد خفضت تدريجياً من وجودها العسكري لكنها ظلت منخرطة دبلوماسياً. وواصلت تركيا تأكيد مصالحها، في حين عززت روسيا موقفها الداعم للحكومة السورية.
في الختام، فإن الصراع الأمريكي والتركي والروسي في شمال سوريا هو رمز للطبيعة المعقدة والمتعددة الأوجه للحرب الأهلية السورية. لقد خلقت المصالح المتنافسة والتحالفات المختلفة والعداوات التاريخية وضعا متقلبا ولا يمكن التنبؤ به في هذا الجزء من سوريا.