الريادة السعودية
كتب - عبدالله العميره
أحب أن أطرح موضوعاتي للدلالات على واقع، وليس تنظير في فراغ، ولا دلائل..
من يتابع موضوعاتي؛ يعرف ما أعنيه .
ولست بحاجة لهذا الإيضاح، ولكن العمل المهني الصحفي يؤكد ضرورة أن يكتب الكاتب أو الصحفي للناس، ولا يكتب ليعبر عن وجهة نظره وانتهينا.
وأن يكون الطرح الإعلامي، له تأثير إيجابي.
الشعارات الزائفة لاتنتهي بخير.. والمتلقي أصبح أكثر ذكاء عن ذي قبل.
فإما أن يعبر الصحفي عن ما يجول بخاطر الناس، أو يكشف لهم معلومات، أو يسلط الأضواء على قضية أو مشكلة ، أو أي أمر ظاهر أو مستتر قليلاً، أو له دلالات وعلامات، لكن الناس لاتهتم، ولاتركز عليه، رغم أهميته الكبيرة!
أردت بهذه المقدمة أن يكون القارئ في بينة ، ومعرفة بما سآتي عليه..
منطلق فكرة مقال اليوم، أو شرارته، من سؤال عجيب، تلقيته من أحد الأصدقاء العرب ( ليس صديقاً بالمتعارف عليه الصداقة الخاصة ، إنما ضمن مجموعة أحرص على أن يكونا في دائرة علاقاتي!).. تحدث لي ، وهو لايعرف عن السعودية، إلا ما يسمع ويرى في الإعلام.
وهو حريص على متابعة الأحداث.
مأخذي عليه أنه ضمن ( القطيع) الذي يمثل 80% من المجتمع العربي، يحكم من مشاعره ، ويمكن أن يتغير بسهولة ، ويمكن أن تؤثر عليه وسائل الإعلام بسهولة أيضاً.
ما يدهشني، أنه قارئ نهم، ومتابع لكل الأحداث.
لكنه لايقرأ إلا ما يكتبه كاتب من بلاده فقط، ولا يتابع إلا قنوات بعينها، ثابت لايتحرك إلى غيرها التي تشيد بحضارات الآخرين. وتوضح حقائق متراكمة، وغائبة.
يعني يمكن أن يُطلق عليه ( مثقف بالمتابعة )، تماماً، كاي متحدث لبق جداً، وصاحب ثقافة عالية، لكنها ثقافة استماع / مجالس فيها ناس محدودة ، ولا يتغيرون.
والفرق بين هذا، والمتعلم المثقف، أو بين الصحفي المتعلم المثقف، وآخر تعلم بالممارسة البسيطة، دون علم .. أن المتعلم الممارس، أكثر عمقاً، وتنظيماً للأفكار، وبالتالي أكثر إقناعاً.
صديقي العربي؛ هو من نوع خاص.
مثقف مجالس ، وليست كالمجالس المتعارف عليها، مجلسه أمام التلفزيون والصحف في بلاده.
نسيت أن أشير أن صديقي هذا، يحدثني من بلاده، يقول أنه لم يزر السعودية منذ 30 عاماً ، ويريد أن يدخل في نقاش مفاضلة - نقاش يؤدي إلى جدل بيزنطي.
أعلم هذا ، ولككني أحببت أن تعرفوا كيف يفكر من لايرنا في خير.. لا أريد القول: من لايريد لنا الخير.
فالأول فيه شئ من العقل، يحتاج إلى تصحيح، والآخر تمكن الجهل والحسد فيه، غير مفيد، ولا له تأثير.
سأبدأ بذكر بعض مادار بيني وبينه، وهو حوار - لاشك - مكرر يمكن أي منكم سماعه.
ابتدر حديثه بالقول:
ماذا يحدث في السعودية؟
يعد الإجابة ، بما يعلمه كل سعودي ويراه على الأرض، من تطور مذهل، وحضارة شامله في قارة اسمها السعودية ، لايوجد مثيل لها في أي بلد - ليس بحسب سماعي، بل من مشاهدات في سفر لبلاد كثيرة -، والأهم أن الزائر يشعر بمدى حب وطيبة وكرم وطمأنينة السعوديين. والعلاقة القوية المتجذرة بين المواطن والقيادة.
وكيف هو المجتمع السعودي حضاري ومحترم جداً، وذكي جداً أكثر مما يتخيل الآخرون.
ثم سألني سؤالاً غريباً، قال:
هل تحبون محمد بن سلمان؟
قلت، أكيد أكثر من الحب نفسه، ومن قال لك غير ذلك فيعني لي أنك تتابع صحافة ومحطات تفتقد للواقعية، وأنت ممكن أن تصدقها، أو أنك تحلل إلى حيث يريد عقلك غير الواقعي.
الحوار طويل، تلك خلاصته ..
وفاجأني بقوله: " لكن بلدي أفضل من بلدك!".
قلت، في ماذا ؟
عرفت أنه لايعي ما يقول..
قلت له، علمياً ومنطقياً، وعقلياً، لايمكن أن تجري مفاضلة بين بلدين ، وأنت لم تزر البلد الآخر، المسألة ليست حمية جاهلية، وانتهينا.
لو قلت هذا الكلام لأي أحد سيضحك عليك.. كيف تفاضل بين كيانين أو شيئين وأنت لاتعرف عن الآخر شيئاً، أو معلومات مشوهة.
وجدت أن الجدال سيطول..
فأخذته بلطف، وشئ من الفكاهة، وختمت معه بالقول له:
الريادة ليست بالشعارات والكلام..
وأدعو الله أن يديمك على ما أنت فيه وما تراه من أفضلية على غيرك، أو تتتغير إلى الواقع .
وانتقلنا إلى حديث آخر، إلى التكامل الإقتصادي، وكيف تكون الوحدة العربية الحقيقية التي يحلم بها كل عربي.