القوة الذكية

news image


كتب - عبدالله العميره
دائماً ؛  يظهرهذا السؤال أمامي، ويتم طرحة في كل مناسبة، أو جلسة عصف إعلامي مع الزملاء والزميلات في الوطن العربي..
الولايات المتحدة؛ كيف تدير الإعلام؟
دراسات متعددة تبحث في ذلك السؤال، ولا يحتاج الباحث لوقت طويل للوصول إلى الإجابة.

هناك بحث؛ حول مصادر وأدوات القوة الناعمة الأمريكية وطريقة توظيفها، من خلال الاجابة على السؤال الآتي: 
"ما هي ملامح استراتيجية الولايات المتحدة في توظيف القوة الناعمة؟.. يعتمد الباحث على فرضية أنه كلما زادت مظاهر تكنولوجيا الاتصالات في الدولة (ب) ؛ أثر ذلك ايجاباً على دور القوة الناعمة المبدول من الدولة (أ) الولايات المتحدة الأمريكية تجاهها. ولجأ الباحث الى استخدام المناهج العلمية التالية في بحثه : المنهج التاريخي : و ذلك لحصر الأحداث وضبط دوافع التطور و النتائج المترتبة عليها . المنهج الوصفي : من خلال معرفة أهم الصفات المميزة للعلاقات الدولية ، وفي ذات الوقت الصفات المميزة لعصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات . المنهج التحليلي : وذلك لتحليل الظواهر المترتبة على الثورة التكنولوجية ومحاولة استشراف الرؤية المستقبلة لتأثيرها كقوة ناعمة الكترونية على العلاقات الدولية . وتوصل الباحث الى النتيجة: أن جميع أنواع القوة، الصلبة والناعمة والذكية ما هي إلا أدوات لتحقيق مصالح الولايات المتحدة في الهيمنة على العالم. دون لجوء امريكا الى التهديد المباشر بقواتها، حيث أنها تسعى لتدويل التعامل مع الهدف، وليس التفرد بالتعامل معها فقط مما يكلف امريكا مئات المليارات من الأموال وآلاف الجنود وخسائر قد تتعرض لها" .
هنا يتبادر إلى الذهن سؤال:
من يخطط وينفذ القوة الناعمة في الولايات المتحدة؟
وهل القوة الناعمة محصورة على الدول القوية عسكرياً؟
هل هي وزارة إعلام؟
الإجابة : لا
إذا ما هي الجهة المعنية بالإعلام - المخططة والمرجعية؟
الإجابة: وكالة المخابرات المركزية (CIA) ، إذ لايوجد وزارة إعلام في الولايات المتحدة.
ماذا يعني هذا؟ وكيف تحقق الولايات المتحدة التوازن بين القوتين الناعمة والصلبة؟ وكيف تحقق هدفها الأكبر من الصلبة؟ 
التوصل لمراد الولايات المتحدة، في ذلك أبحاث ودراسات، منها قوة دقيقة النعومة وخطرة، داخل السياسة الكبرى لتحقيق أهداف القوة الناعمة المطلوبة.
للوصول إلى النتيجة؛ علينا مراقبة طريقة عمل الأدوات.
كما؛ لابد من التعرف على أسباب تركيز الولايات المتحدة على "القوة الناعمة"..
سأنقل جانباً من التحول:
"مرت الإستراتيجية العسكرية الأمريكية بأربعة مراحل كبرى منذ خروجها من سياسية العزلة إبان الحرب العالمية الثانية.
المرحلة الأولى عند صنعها لأول قنبلة نووية في 1945.
المرحلة الثانية من تطور إستراتيجيتها العسكرية وهي تمكن الاتحاد السوفيتي من تجربة أول قنبلة نووية لها عام 1949 وبالتالي أصبح هناك نوع من توازن القوى بين الطرفين.
المرحلة الثالثة في إعادة التفكير في إستراتيجيتها العسكرية بعد الهزيمة التي تعرضت لها الولايات المتحدة في الحرب الفيتنامية سنة 1954 التي لم تكن مجرد هزيمة عسكرية للسمعة الأمريكية العسكرية والسياسية بل كانت ضربة قاسية لقدرة الولايات المتحدة الاقتصادية وخاصة إنها استنزفت قواها المالية.
المرحلة الرابعة و الأخيرة من تطور إستراتيجيتها العسكرية التي تمثلت في أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي مثلت نقطة مهمة في تطور الإستراتيجية العسكرية الأمريكية. و تعد القوة من المفاهيم الأساسية في الفكر الاستراتيجي العسكري الأمريكي الذي لطالما يبحث عن التجدد الدائم في بطون الأفكار لكي يخرج لنا بأطروحات فكرية نموذجية متكاملة تكون بصيغة نظريات أو مشاريع أو استراتيجيات تأخذ طريقها إلى المجال التطبيقي من قبل مختلف الإدارات الأمريكية التي تعاقبت على الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، عندما أقدمت الولايات المتحدة عن إعلان الحرب على الإرهاب الدولي واستعملت فيها القوة العسكرية المباشرة في كل من أفغانستان والعراق، بعد ذلك وظفت القوة الناعمة التي تعني مجموعة من العوامل التي تحقق أهداف الدولة دون اللجوء إلى استخدام القوة الصلبة، إلا أن هذه النظرية هي الأخرى انتقدت بشدة، على اعتبار أنها لا تستطيع أن تكافح إرهاب منظمات عابرة للقارات، وليست لها هياكل محددة، فتوصلت الإدارة الأمريكية إلى نظرية القوة الذكية  Smart Powerالتي تعني القدرة على الجمع بين القوة الصلبة  Hard Power والقوة الناعمة  Soft power في إستراتيجية واحدة ناجحة".


شكل تحول مفهوم القوة المرتكز الرئيسي في السياسة الخارجية الامريكية و ذلك منذ خروجها من مرحلة العزلة. كما جاء في الأسطر السابقة..

"بعد التحول الأمريكي إثر 11 سبتمبر 2001 ، دعا منظروا السياسة الخارجية الأمريكية و على راسهم جوزيف ناي الى ضرورة تبني الولايات المتحدة الامريكية في توجهاتها الخارجية توظيف القوة الناعمة، هذه الاخيرة التي تمتلك الولايات المتحد ة الامريكية من مواردها ما يجعلها ذات تاثير خفي و قوي في الجذب والاستمالة بما يخدمها في تحقيق مصالحها الخارجية في تفاعلاتها مع وحدات النظام الدولي، كما فرضت مستجدات البيئة الدولية ضرورة المزج بين القوتين الصلبة و الناعمة ضمن استراتيجية واحدة فكان بروز القوة الذكية، كما كان لتطور التكنولوجي و الاتصالي الامريكي ان ابرز نمط القوة الافتراضية والتي كان لها تاثير كبير على تحول مفهوم القوة في السياسة الخارجية الامريكية، ولقد برز توظيف القوة الناعمة في السياسة الخارجية الامريكية خاصة مع ادارة باراك اوباما من خلال الميل للدبلوماسية (ما يسمى بالدبلوماسية الشعبية، وهي أساس بناء القوة الناعمة ) ، والتفاوض واستبعاد اللجوء للقوة العسكرية والتدخلات الخارجية اما ادارة دونالد ترامب فلم تكن ذات التوجه الناعم في سعيها للتحقيق المصالح الامريكية حيث تميزت بنهج مخالف لا ينتمي الى القوة الصلبة و لا الى القوة الناعمة بمفهومها الذي تناوله و مارسه باراك اوباما وانما سعى دونالد ترامب الى الاعتماد على منظور الصفقات و الضغط الاقتصادي وفق سياق عملي منفرد اما عن ادارة جوزيف روبينيت بايدن الحالية فتتسم ملامحها بالتوجه نحو توظيف القوة الناعمة في اطار ذكي مما يرجح اعتمادها على نهج يتوافق الى حد ما مع توجهات ادارة باراك اوباما ولكن في صورة محدثة تتماشى و التحديات الراهنة، الا ان هذا لا يعني الثبات على ذلك خاصة وان مرحلة ادارة الرئيس بايدن لم تنتهي بعد كما ان الساحة الدولية تتميز بالتحولات الديناميكية المستمرة بصورة تحتمل تغيير الاستراتيجيات و السياسات المعتمدة لتكيف مع ذلك، ولقد اظهر تحول مفهوم القوة في السياسة الخارجية الامريكية ان اثر الفعل اي اثر استخدام القوة يبقى اكثر من زمن الفعل اي الاستخدام ذاته وهو ما يسمى بالارتدادات، لذا تسعى الولايات المتحدة الامريكية الى الاستفادة من تجاربها السابقة وتفادي اخطائها الاستراتيجية من خلال التنويع".

أدوات الولايات المتحدة

بداية لابد من التأكيد على فكرة  التقارب بين الشعوب، وهو أمر ليس جديدا في عالم الدبلوماسية والعلاقات الدولية، لأن أي مجتمع لا يستطيع العيش دون علاقات مع المجتمعات الأخرى حتى وإن كانت تختلف عنه في العرق واللغة والمعتقد والثقافة.

هذا مرتكز تنطلق منه " القوة الناعمة" أو "القوة الذكية".

ماذا عن أدوات القوة الناعمة في الولايات المتحدة اليوم؟
الأدوات / الوسائل تطورت من التقليدية (سينما ..الخ)، إلى التقنيات عابرة الفضاء...
السؤال: من يخطط للعمليات، ومن يديرها ؟
للإجابة - رجاء مراجعة قراءة هذا الموضوع.
إضافة إلى توظيف وسائل ( أفراد وجماعات ) من ذات البلاد المستهدفة، لإدارة العمليات.

قبل الحديث عن أدوات  القوة الناعمة، أريد التعرض إلى تلك القوة التي تنتهجها الولايات المتحدة ( باعتبارها أكبر قوة عسكرية في العالم اليوم)..
نعلم أن القوة الناعمة هي قوة النموذج، وامتلاك الخصائص التي تجعل الآخرين يتطلعون إليها ويحتذون بها، كونها مصدراً للإلهام. 
وأن القوة الناعمة هي القدرة على التأثير في الآخرين بحيث يصبح ما تريده هو نفسه ما يريدونه، وبحيث تصبح قيمك وثقافتك ومبادئك وطريقتك في الحياة هي النموذج الذي يودون احتذائه.
هذا هو الهدف ( السامي) المعلن .. لكن ماذا عن الواقع؟
هل هي ( فعلاَ) تريد تحقيق  ذلك الهدف السامي؟ أم تأكيد للإستسلام للهيمنة الأمريكية؟
(فكّروا في الإجابة)..
_____
ماذا عن العالم العربي؟
أستطيع تقسيم الحالة إلى خمس مراحل:
مرحلة حوار الذات بالشعر والنثر
مرحلة التيه
مرحلة الفوضى
مرحلة الطريق متعرج
ثم بداية الطريق الصحيح

 

سأبدأ من بحث متأخر كتب فيه الكاتب نضال صافي:
"يعدّ مفهوم القوة من المفاهيم الأساسية في علم السياسية وعلم الاجتماع السياسي، وهو الحاكم الأساسي للعلاقات بين الدول. وللقوة أكثر من تعريف".
وذكر تعريفين:
الأول لـ روبرت دال فهو يقول إنّ القوة هي: "القدرة على حمل الآخرين على القيام بما لم يرغبوا في فعله".
الثاني فهو لـ كارل فريدريك Carl Friedrich Gauss الذي يقول إنّ "القوة هي في إنشاء علاقة تبعية بين طرفين يستطيع من خلاله الطرف الأول أن يجعل الطـرف الثاني يفعل ما يريد أيّ التصرف بطريقة تضيف إلى مصالح مالك القوة".. وبناء على هذين التعريفين، فإنّ القوة أو التهديد باستخدامها لهما تأثير كبير في النظام الدولي، وقد يدفع بالدول الضعيفة التابعة والمجتمعات المخترقة للقيام بأعمال أو إجراءات معينة، وكذلك الامتناع عن القيام بممارسات أخرى منعاً للتعرّض لتبعات استخدام القوة ضدّها .. ويرتبط بناء مفهوم القوة الناعمة وصعوده ارتباطاً مباشراً بتحدّييْن رئيسييْن لأميركا هما: تهديد الأفول، واتساع نطاق العداء للأميركيين. ومن المفترض ان يسهم مفهوم القوة الناعمة مباشرة في احتواء هذين التحدييْن وتجاوزهما. وبما أنّ ناي يعتبر أنّ القوة الناعمة هي سلاح مؤثر يحقق الأهداف عن طريق الجاذبية، بدلاً من الإرغام أو دفع الأموال،  فهو يرفض مقولة إنّ أفول الولايات المتحدة الأميركية أمر لا مفرّ منه، لأنّ جاذبية الولايات المتحدة الأميركية أصبحت أقوى من أيّ وقت مضى بسبب تكنولوجيا المعلومات... لكن ناي لم يكن الوحيد الذي عرّف القوة الناعمة بل من الضروري أن نعرّج على تعريف ميشيل فوكو – Michel Foucault والذي يعتبرها إجباراً وإلزاماً غير مباشرين وسجال عقلي وقيمي يهدف إلى التأثير على الرأي العام في داخل الدولة وخارجها".

وللقوة الناعمة بحسب الباحثين أركان وموارد وأبعاد. فيستنتج الأستاذ علي محمد الحاج حسن، في كتابه الحرب الناعمة، الأسس النظرية والتطبيقية وبأنّ القوة الناعمة تقوم على خمسة أركان وقدرات هي:

1- القدرة على تشكيل تصوّرات ومفاهيم الآخرين وتلوين ثقافتهم وتوجيه سلوكياتهم.

2- القدرة على تشكيل جدول الأعمال السياسي للآخرين سواء الأعداء أو المنافسين.

3- القدرة في جاذبية النموذج والقيم والسياسات وصدقيتها وشرعيتها بنظر الآخرين.

4- القدرة على فرض استراتيجيات الاتصال على الآخرين .. من يتصل أولاً وكيف.

5- القدرة على تعميم رواية وسرد الوقائع، الفائز اليوم من تفوز روايته للأحداث.

بينما يميّز ناي بين مقاربتي القوة: القوة كموارد والقوة كعلاقة. ويعتبر أنّ القوة كعلاقة أو سلوك لها ثلاثة وجوه وغالباً ما تكون مختلطة:

ـ الوجه الاول هو "التغيير بالامرة" أيّ بتوجيه أمر للآخر لتغيير سلوكه.

ـ الوجه الثاني السيطرة على الأجندات، بحيث يمكن من خلال المؤسسات الموالية تشكيل تفضيلات الآخرين، وبالتالي تحديد قواعد اللعبة عبر صناعة جدول الأعمال.

ـ الوجه الثالث وهو تشكيل التفضيلات من خلال القدرة على منع وقوع تضارب بين مصالحك وبين مصالح الآخرين، مما يدفعهم دوماً للامتثال لك.

وتجدر الإشارة إلى أنّ ناي لاحظ لاحقاً أنّ الوجه الأول من القوة يتجاهل جانباً مهمّاً هو؛ القدرة على التأثير في تفضيلات الآخرين حتى يريدوا ما تريد دون الحاجة إلى اصدار أمر لتغييرها.

أما موارد القوة الناعمة فهي ثلاثة أيضاً:

ـ الثقافة التي تساهم بشكل أساس في عملية جذب الآخرين.

ـ القيم السياسية عندما يتصرّف الفاعل السياسي وفقاً لها في الداخل والخارج معاً.

ـ السياسات الخارجية بخاصة عندما بنظر إليها الآخرون على أنها شرعية وأخلاقية.


بين القوة الناعمة والحرب الناعمة

يقول المنظر العسكري كارل فون كلاوزفيتز "الحرب نزاع مسلح بين المصالح الكبرى تسيل فيها الدماء، وبهذا تختلف عن النزاعات الأخرى، وهي أداة لحماية مصالح الدول وتوسيع دائرة نفوذها، وعمل عنيف يقصد منه إجبار الخصوم على الخضوع لإرادة الدولة او الدول التي تشنّ الحرب، وهي عمليات مستمرة من العلاقات السياسية، وامتداد للسياسة، لكنها تقوم على وسائل مختلفة، فلكلّ عصر نوعه الخاص من الحروب، وظروفه الخاصة، وتحيّزاته المميّزة .

هناك من الباحثين من يرى أن "دمج مصطلح الحرب الذي يحمل مضامين عنفية غير محصورة مع مصطلح ناعمة التي تشير إلى معنى يختلف تماماً، من شأنه أن ينتج دلالات أخرى للمفهوم المركب الجديد. وبإمكاننا شرح المفهوم هذا على أنه تحقيق غايات الحرب بدون الحاجة إلى خوضها بطريقة كلاسيكية صلبة. ويظهر جلياً للمراقب أنّ مصطلح الحرب الناعمة لا يُستخدم من قبل الدول القوية، بل يستبدل بالقوة الناعمة، بينما المقصود به الأولى طبعاٌ. ولذلك لا نجد حتى الآن دولة اعترفت بقيامها بحرب ناعمة. بينما عرّفت الباحثة وأستاذة مادة التحليل الدفاعي في كلية الدراسات العليا للبحرية الأميركية "آنا سيمونز" القوة الناعمة بأنها:  الجيل والنمط الرابع من حروب المستقبل، بالنظر إلى تبدّل موازين الحروب العسكرية التقليدية، وفشل نمط حرب المدن، ونمط مكافحة التمرّد، وتتميّز بأنها تستهدف السيطرة على الناس، من خلال الدبلوماسية العامة والاتصالات الاستراتيجية وعمليات المعلومات والتلاعب بالمفاهيم والمشاعر، بعيداً عن احتلال وتدمير المدن ومهاجمة المواقع والقواعد العسكرية واستخدام سلاح الجو، وغيرها من الأسلحة. أما وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت غيتس فتحدث عام 2007 في الكونغرس عن الحاجة إلى تعزيز القوة الناعمة الأميركية عن طريق زيادة الإنفاق على الأدوات المدنية من الأمن القومي بالدبلوماسية، والاتصالات الاستراتيجية، وتقديم المساعدة الأجنبية".
_____
عودة إلى العالم العربي - كما أشرت سابقاَ..
ماذا عن العالم العربي؟
أستطيع تقسيم الحالة إلى خمس مراحل:
مرحلة حوار الذات بالشعر والنثر
مرحلة التيه
مرحلة الفوضى
مرحلة الطريق متعرج
ثم بداية الطريق الصحيح

_____

في سابق العالم العربي والإسلامي، لم يكن هناك استراتيجية محددة لما يمكن أن نطلق عليه " قوة ناعمة "، لأن العقول محدودة المعارف في ذلك، ولأن الوسائل محدودة.. والعالم محدود، والمصالح (التكامل محدود)، فالأمر يتم فرضه بقوة السلاح.

كان الشعر والنثر هما وسيلتان رئيسيتان لـ " تبادل" المعرفة.
ثم سرعان ما حضرت مرحلة التيه والتشتت، في شكلها الفاضح إبان الإنحدار وسيطرة المستعمر بالقوة.
تلتها - بعد فترة - المراحل الأولية للتحرر من المستعمر، ولكنها مرحله ترك المستعمر فيها بصمته، إذ سادت ألأساليب التي تدعم الإنشقاق والخلاف، والتركيز على الذات (الفردية - أو كما يقل، كلُ يغني على ليلاه، وكل عربي يحارب الآخر بشعارات تافهة!). وهذا ما ظهر في الثلاثة العقود الأخيرة من القرن الماضي، ولها بقايا إلى اليوم في عدد من الدول العربية التي مازالت  تشعر ومتأثرة بتركة المستعمر الأجنبي!
وهو ما تسبب في  التيه والفوضى والسير المتعرج الداعي إلى التشقق بين الأشقاء!
( سأذكر مثالا - بالكلمة والصورة؛ على ذلك في نهاية الموضوع).
ثم بداية العمل الصحيح ، يتمثل ظاهراً (الآن) في استراتيجيات المملكة العربية السعودية.
_____
المثال الذي أشرت إلى أنني سأذكره، كان  أبرز الأسباب لكتابة هذا الموضوع في هذا التوقيت..
سأذكر مناسبته..
إنني أحرص على متابعة وسائل التواصل الإجتماعي، بخاصة تويتر ، والتيك توك.
هما من أهم منافذ التعبير عن الحالة الإجتماعية والسياسية والثقافية، ومؤشر على مستوى عقليات الشعوب، كما أنهما من منافذ إبراز نشاطات المؤسسات الحكومية والخاصة.
تقنيات لابد من الإستثمار فيها.


من متابعتي اليوم، مقاطع صغيرة مختارة على التيك توك، للكاتب المصري، محمد حسنين هيكل.
في الواقع هو رجل مثقف، ولكنه ليس أكثر الناس ثقافة في مصر.. مصر أنجبت مفكرين ومثقفين وأدباء على مستوى عالي من الثقافة والوعي. أعلى بكثير من هيكل.
هيكل تميز عن الجميع - في وقته - بقدرة عجيبة على التزوير، أو بالأصح القدر على (تزويقه لأحاديثه ورواياته المزورة)، والقدرة على تحويل الأحداث من ساحات التخلف إلى وادي عبقر!، والإرتكاز في أمثلته وشهاداته على أموات في أحداث لم يسجلها التاريخ، ويزعم هيكل - دائماً، أنه لم يسمع بها إلا (أنا وفلام - المتوفى!).

_____


يحضرني كتاب من جزئين، للكاتب المثقف والروائي الدكتور سيار الجميل. وهو أكاديمي عراقي من الموصل. له اهتمامه وتركيزه الخاص في منهج البحث التاريخي والتاريخ الوثائقي وتاريخ العرب الحديث وتاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر والشرق الاوسط المعاصر والتاريخ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وتاريخ المدن والعولمة وفلسفة المستقبل.
من كتبه ؛ ما له صلة بالجزء الأخير من هذا الموضوع / أعني هيكل - وكتاب الدكتور سيار من جزئين:
قرأت الأول ،  ولم أجد الجزء الثاني.. فقد تم سحب الكتاب من المكتبات المصرية!
الجزء الأول من الكتاب للدكتور سيار الجميل عنوانه: " تفكيك هيكل".
والثاني " دفن هيكل ".
من أجمل وأصدق تشريحاً لأشهر كاتب عربي ملأت أكاذيبه الآفاق، ويعتقد أنه يُصدّق، وأنه متفرد بالثقافة والمعرفة  بكواليس الأحداث العظام.

كتاب، تفكيك هيكل، أعتبره أنموذجاً في تفكيك الخطاب المعادي.. ويوازيه إنقلاب المعادي على مفاهيمه، بعلم، أو بدون علم.. كما سيظهر في الفيديو.

أطرح أنموذج محمد حسنين هيكل، على مرحلة من مراحل التخلف السياسي والإعلامي في العالم العربي.
طغت شهرته في وقته لعدة أسباب:
- قربه من أكبر رجل حكم مصر في فترة الهوان، وكان بطلاً للشعارات الجوفاء التي نجحت بسبب جهل الجماهير العربية، وبسبب الإنكسارات العربية الباحثة عن ترميم.
- تمكن اللاوعي في عقل ووجدان الجماهير العربية.
- سيطرة الصحافة المصرية - آنذاك - في العالم العربي : بدأت في عهد الخديوي إسماعيل (1245 هـ / 31 ديسمبر 1830 - 1312 هـ / 2 مارس 1895)،  عندما أسس الفرنسيون أول مطبعة.. ثم النقلة الكبرى عن طريق الأخوين اللبنانيين سليم وبشارة تقلا ، المؤسسان لصحيفة" الأهرام". وتلا ذلك تطور وتنوع وتعدد في الصحف المصرية، التي كانت النافذة الرئيسية الأولى لهيكل وأمثاله من أدوات الحكومة ونشره لأيدلوجيه صديقه عبدالناصر.

وأخيراً؛مع إنتشار التقنية، وافتاح الفضاء؛  تكشفت أساليب هيكل ، وتخطت فضائحه حدود مصر.

التقنية؛ سهلت الحصول على المعلومة الموثقة، وسماع ومشاهدة مختلف الآراء التقنية، وساهمت بشكل كبيرة في تثبيت الأحداث التاريخية، التي لايمكن لأي شخص التلاعب بها.
الأفكار والأطروحات القديمو (غير المدروسة!)، لم تترك أي أثر إيجابي ، با بنت آثاراً سلبية على من كلفه ومنحه فرصة الثرثرة الفارغة .. 
عصر الإنفتاح كشف كل شئ، وبعد التطور المذهل في المملكة العربية السعودية.
المُدهش جداً، أن هيكل حاول جاهداً أن يترك أثراً طيباً - في آخر حياته.. إلى درجة أنه صار يطرح أفكاراً جديداً تنسف أفكاره القديمة..
إليكم هذا الفيديو، كمثال:
 


ماذا بعد؟
أرى أساليب القوة الناعمة عند الولايات المتحدة؛ ليست ببعيدة عن نفس سلوك هيكل في زمن التخلف العربي!
فمالذي نحتاجه؟
نحتاج هذه القوة الذكية الحاضرة في السعودية أن تستمر في إظهار قوتها وإبداعاتها.. لتفكيك قوى عدائية أخرى وتدفنها. وتبني مصالح جديدة متبادلة لنا ولهم.
كيف؟
ربما الإجابة تكون غي موضوع آخر..