باسيل:"الإتفاقُ مع حزب الله على المِحكّ".. هل انتهى تحالف "مار مخايل" بين حزب الله و التيار الوطني الحر؟ وما تأثيرُ ذلك على الشّغورِ الرئاسي في لبنان؟

news image

تقرير - مروة شاهين - بث:

بعد سنواتٍ عديدةٍ في المنفى قضاها قائد الجيش اللبناني السابق ميشال عون إثر لجوئه إلى السفارة الفرنسية بعد فشله في التصدي لقوات نظام حافظ الأسد التي كانت تقصف مقر إقامته في قصر الرئاسة اللبنانية، عاد عون من جديد بعد أحداث ثورة الأرز التي استطاعت أن توفر إجماعاً عالمياً لضرورة خروج الجيش السوري من لبنان، لكن عون عاد حاملاً معه طموحاً أكبر من مجرد العودة إلى الوطن، إذ كان عون لا يزال مُصراً على أحقيته في تسلم زمام قيادة البلاد، بأي طريقة، حتى و لو عبر التحالف مع القوى ذاتها التي كانت سبباً في إخراجه من وطنه و ذبح جيشه (أي المحور السوري-الإيراني الذي ينتمي اليه حزب الله اللبناني).


و هذا ما حصل بالفعل إثر عقد تفاهم "مار مخايل" بين عون و حزب الله ، الذي أدى إلى موافقة التيار الوطني الحر (عون و مناصريه) على تأمين غطاء مسيحي لشرعنة سلاح حزب الله مقابل ضمان الحزب وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة، فكان منذ بداية العام ٢٠١٦، بداية أسوء عهدٍ في تاريخ لبنان، إذ تحول لبنان خلال حكم عون-حزب الله من سويسرا الشرق إلى "الجمهورية المتدحرجة نحو جهنم" بشهادة رئيسه الأسبق عون.


و بعد نهاية عهد عون، الذي لم يحمل للبنان إلا الخراب – لأسباب عديدة داخلية و خارجية لا يسع الوقت لذكرها حالياً-، قد يظن البعض أن المشكلة انتهت، و لكن في الحقيقة، إن الأزمة التي سببها الطموح العوني بالوصول إلى الرئاسة قد تكون لا تزال في بدايتها.


فجبران باسيل، صهر عون المفضل، و الذي استطاع أن يمارس الرئاسة فعلياً عبر استغلال تقدم عمّه في السنّ، تكوَّن لديه طموحٌ رئاسي لا يقّل عن ذاك الطموح الذي كان موجوداً لدى عمّه عند رجوعه إلى لبنان، و إن هذا الطموح الباسيلي في الوصول إلى رئاسة الجمهورية، هو السبب الأساسي – بعد الخلاف اللبناني مع حزب الله حول ملف الرئاسة- في بقاء لبنان في حالة شغورٍ رئاسيّ. 
و  في ضوء الأوضاع الحالية في لبنان، فإن أمام باسيل طريقين لا ثالث لهما للتمكن من الوصول إلى الرئاسة، الأول هو اتباع ذات المسلك الذي سلكه عون، أي الوصول إلى الرئاسة عن طريق التحالف مع حزب الله، و الثاني عبر فكّ التحالف معه و التعاون مع المجتمع الدولي – الذي يرفض سيطرة حزب الله على لبنان- و بالتالي الانضمام إلى الجبهة السيادية اللبنانية المعارضة لحزب الله. 
باسيل يتجه لفكّ التحالف مع حزب الله:
و يبدو أن باسيل،  يُدرك تماماً أن الوصول إلى الرئاسة في بلد في انهيارٍ مستمر لن يكون مُجدياً، و إن المجتمع الدولي و الشعب اللبناني لن يقبل بوصول رئيس محسوب على دائرة التفاهم العوني مع حزب الله، و بالتالي الاستمرار في حالة الانهيار الدراماتيكي، و بالتالي فهو يتجه نحو الخيار الثاني، أي خيار التحرر من التحالف مع حزب الله و الحصول على موافقة المجتمع الدولي لتمهيد طريقه نحو قصر بعبدا. 
إذ اعتبر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بان "تفاهم مار مخايل مع حزب الله على المحك، وذلك نتيجة القيام باتفاق وعدم تحقق نتائجه". ولفت الى ان "ما حصل كبير جدا ولا يخصّ فريقين في لبنان، ففي بلد في لبنان تعقد حكومة تصريف اعمال لاتخاذ قرارات قسم كبير منها غير ملح بغياب رئيس وبغياب 8 وزراء؟".
واكد باسيل في حديث تلفزيوني، أنه "لا قيمة لاي تفاهم وطني -لا فقط بين طرفين- يناقض الشراكة المتوازنة، وبعدم احترام الشراكة نصبح بمشكلة ميثاق، ولا يحاول احد تحوير ما قلته انني قلته عن امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وتحديدا في موضوع عقد جلسات الحكومة لم يحصل الاتفاق مع السيد نصرالله شخصيا، وبالصادقين قصدت حزب الله".
وتابع باسيل: "لا ميشال عون رئيس جمهورية، ولست مرشحا لرئاسة الجمهورية، والموضوع ليس شخصيا، وعند ضرب اسس بالجمهورية الموضوع يتخطى الموضوع الشخصي، وطبعا الثنائي الشيعي وقف وراء رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اذ لا يمكنه ان يقوم بما قام به وحده، وبالمراسيم الصادرة محاولة لتكريس أخذ رئيس مجلس الوزراء مكان رئيس الجمهورية، فيما الدستور واضح في قوله "مجلس الوزراء يأخذ صلاحيات الرئيس وكالة" لا رئيس الحكومة".

باسيل في رسالةٍ غير مباشرة للحزب" لن أكون مرشّحاً يضمن بقاء سلاح حزب الله ":


وأشار الى ان "حزب الله ينطلق من انه يريد رئيسا يحمي المقاومة، وان هناك جبران باسيل وسليمان فرنجية، وانا لست مرشحا فبقي فرنجية، والحزب حاول اقناعي لماذا فرنجية، وانا لم اقتنع". اضاف "نحن احترمنا رغبة الثنائي الشيعي برئاسة مجلس النواب، واحترمنا رغبة هذا المكون وحتى برئاسة الحكومة كان لنا رأي مختلف، واحترمنا رغبتهم".
ولفت الى ان "معادلة اما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية او قائد الجيش جوزيف عون مرفوضة، بمعنى ان تخييرنا بين اسمين فقط امر غير مقبول، والموضوع ليس موضوع سلطة بل موضوعا وجوديا ولا يمكن فرض تسويات علينا من دون احترام موقفنا، وفي موضوع قائد الجيش الموضوع ليس موضوع اسم ولا يتعلق بالاسم بل يتعلق في اننا نكرس ان كلّ قائد جيش عندما يصل الى المنصب يصبح همّه برئاسة الجمهورية، والازمة اليوم ليست امنية بل اقتصادية ومالية وسياسية فما هو المشروع هنا؟".
وأكد باسيل باننا "لا نوافق على قاعدة "اختيار رئيس يحمي المقاومة"، فالمقاومة جزء من المشروع ويجب حمايتها لحماية الدولة، والمشروع هو الدولة والهدف هو الدولة، والمقاومة جزء من المشروع، ونريد رئيسا يحمي الدولة ويحمي الشراكة في الدولة ويحمي المقاومة".
وقال ان "وحدة الطائفة الشيعية لا تقوم على حماية الفساد، بل على مكافحة الفساد، ويمكن ان يكون حزب الله متمسكا برئيس مجلس النواب، ولكن يمكننا ان نقول نحن والحزب ورئيس المجلس "stop” ونبدأ في الممارسة بالخروج من النهج نفسه".
ولفت الى ان "السيد نصرالله كان واضحا معي ان لا رئيس جمهورية خارج خياراتنا كتيار، والحزب كان واضحا هذه المرة بالقول "نحن لسنا ملتزمين مع احد"، وهذا استحقاق يعنينا اولا ونحن نقول "تعوا نتفاهم"، والحوار لينجح بحاجة الى تحضير لأن فشله كارثة ولا يمكن ان تضربني خنجرا ومن ثمّ تدعوني الى الحوار، والجرح كبير وبري يعرف معنى الميثاقية ومن غير المفروض ان يقبل بضربها". اضاف "حرصت وفقا للاحترام المتبادل بيننا وحزب الله على السير بالورقة البيضاء، بالرغم من انني لست معها فتحا للمجال امام الاتفاق، ولكن لا يمكن ان نبقى هكذا وسنعمل جديا في التيار على ان يكون هناك مرشحا جديا".
ورأى ان "الضمانة جزء منها بالشخص ولكن ايضا بالمشروع والحل والاتفاق والاشخاص الضامنين"، ودعا لوضع "ورقة عمل تكون ضمانة للاسم المرشح ليكون رئيسا للجمهورية ومن ثمّ يأتي الضامنون، وثالثا يأتي الشخص وساعتها عند وجود مشروع واضح نجيّر قبولنا لهذا الشخص".
ودعا باسيل "لعدم تصوير اللامركزية على انها تقسيم، ففرز النفايات ليس تقسيما، ولا الانماء المتوازن، ولا اعطاء البلديات صلاحيات، والدولة المركزية اتت بالفشل والفساد، ونحن اصحاب شعار "لبنان اصغر من ان يقسم". واكد بانه "لا يوجد لامركزية في العالم من دون مال".

باسيل يَشّن هجوماً على  أبرز منافسيه:


اذ اتهم باسيل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالوقوف حجر عثرة في وجه التفاهم بين التيار الوطني الحر و القوات اللبنانية إذ قال باسيل أن "رئيس حزب القوات سمير جعجع هو من ضرب قلب اتفاق معراب، والعهد ضُرب حينما رئيس الحكومة حينها سعد الحريري حصل ما حصل معه في السعودية بغطاء من جعجع، وانضرب عندما حصل ما حصل في 17 تشرين وكان جعجع جزءا من ذلك، و"زعل مني" سعد الحريري ونادر الحريري في اول حكومة للعهد لانني قلت ان لا حكومة من دون ما يريده سمير جعجع".
واعتبر باسيل بانه "اذا تمسك حزب الله بفرنجية من دون قبولنا يكون ذلك اكثر خطورة من الذي حصل في موضوع الحكومة، وضربا اكبر للميثاقية"، متسائلا "كيف لحزب الله أن يتمسك بمرشح لرئاسة الجمهورية نحن لا نؤيده في وقت هناك اتفاق بيننا مبني على استراتيجيات؟". وتابع: "لي مصلحة ان يأتي فرنجية رئيسا للجمهورية حينما اريد ان اتحدث عن مصلحة شخصية او مصلحة التيار، ولكن انا اتحدث عن مصلحة البلد ولا افكر الا بمصلحة البلد لا بمصلحة التيار بعد 6 سنوات ولا بمصلحتي بعد 6 سنوات".
واعلن بان "التيار يحضر عريضة اتهامية في مجلس النواب سنقدمها قريبا جدا في موضوع الحسابات المالية للدولة". واعتبر بان "ميقاتي بحمايته حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يحمي نفسه، وهناك ارقام ووقائع تثبت ذلك واردة في وثيقة من "ليختنشتاين".

جعجع في رسالةٍ ميلادية: لن يستطيع أحدٌ بما فيه حزب الله أن يُغيّر هوية لبنان:


و بمناسبة حلول موسم الأعياد المسيحية، و بعد الريسيتال الذي تضمن اغاني وتراتيل ميلادية كلاسيكية، القى جعجع كلمة استهلها قائلا: ""إذا كان الله معنا فمن علينا"، هذا ايماننا وهذه ركيزة صمودنا. كما كل سنة نلتقي لنعيش الفرح رغم الحزن، الأمل رغم الألم، المحبة رغم البغض، والحقيقة رغم النكران. نلتقي لنعيش المقاومة بالروح والقلب والفعل رغم الظلم والتسلّط ومحاولات الإخضاع".
وشدد على انه "ليس صدفة اننا وجميع المؤمنين بلبنان الوطن، لبنان الحرية والكرامة والعزة والعنفوان والشراكة، ليس صدفة اننا باقون في هذه الأرض نحتفل لا بل نصرّ على الاحتفال بعيد الميلاد، وكل عيد يمر علينا، لأننا نؤكد لمن يحاول اخضاعنا ان قبله كثرا حاولوا من امبراطوريات وقوى كبرى وصغرى ولم يفلحوا، وهذه المرة ايضا لن يقدروا، باعتبار اننا أبناء الرجاء وجميعنا كلبنانيين نواجه الظلم وبالتالي "خلاصنا سوى، ورغيفنا واحد"".
تابع: "وليس صدفة ايضا ان نلتقي كل عام في هذه المناسبة المباركة لنطمئن كل الخائفين: "لا تخافوا". نحن سويا حتى انقضاء الدهر، ونتوجه الى قليلي الايمان: "نحن هنا، باقون ومتجذرون، ابقوا معنا لأنه في نهاية المطاف "قد ما طوّل" لا يصح الا الصحيح".
واذ أكد اننا "في زمن الميلاد، زمن الفرح والرجاء، مسيرتنا مستمرة من دون انقطاع وبتجدد دائم وصولا الى القيامة، قيامة لبنان"، رأى جعجع اننا "نعيش اليوم مواجهة كبيرة ومرة بين لبنان الذي نعرفه ونريده ولبنان الذي لا نعرفه ولا نريده، الامر الذي يحتاج الى ايمان ونفس طويل و"عنّا ياهن"".
وقال: "قوتنا بايماننا وبحقنا بالعيش كما نراه مناسبا، وليس كما يراه سوانا مناسبا لنا". لبنان اليوم يشبه بيت لحم في زمن الميلاد: مزود صغير فيه طفل صغير، فقير، بردان، مشرّد وملاحق من هيرودس، مع فرق وحيد، اننا شعب بأكمله فقير، بردان، مشرّد وملاحق من أشباه هيرودس. ولكن مع هذا كله، لم يستسلم هذا الطفل، ولو انه خاف وصلّى الا انه واجه الموت وانتصر في النهاية".

في تلميحٍ إلى حزب الله و حليفه باسيل: سنقاوم مشروع تغيير وجه لبنان رغم كثرة المستسلمين:


اضاف: "لن نفقد الأمل رغم كثرة الهيرودسيين والفريسيين، فنحن متمسّكون بالرجاء حتى انكفاء المشاريع السوداء ونهاية الشر، كما اننا ثابتون على مبادئنا وايماننا بالرب والانسان وبلبنان، لأن هذا وطننا و"ما حدا بياخدو منا".
"رئيس القوات" شدد على ان "لا ارهابا ولا ترهيبا يمنعنا من العيش بفرح، ولا انفجارا هائلا زرع الموت والدمار جعلنا نتخلّى عن بيروت ايقونة الحق، وعن لبنان معقل الكرامة والحريات، كما لا التنكيل بالعدالة سيمنعنا من الرهان على الحقيقة والعدالة".
ولفت الى ان "الشرّ حاضر وسيبقى يحاول الهيمنة ولكننا دائما في المرصاد، "قوة الحق بتغلب حق القوة"، فهو يدمّر ونحن نبني، هو يفرّق ونحن نجمع، لأننا ثابتون مهما اشتدت العواصف و"يلي بقلبو ايمان ما في قوة بتهزمو". هذا ما تعلمناه من أكثر من الفي سنة وسنبقى، لأنه "اذا كان الرب معنا فمن علينا"، لبنان الذي ضرب الف مرة، يحاول الف مرة ان يولد من جديد".
وختم جعجع متوجها الى اللبنانيين، قائلا: "باسم زوجتي ستريدا وباسمي، اعايدكم جميعا بألف خير وبركة".