أكبرُ اقتصادات العالم تَتّجهُ نحو رفْعِ معدلات الفائدة.. و البنك الدولي يُحذّر من رُكودٍ عالميّ في 2023

news image

تقرير - مروة شاهين - بث: 


قررت لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، رفع أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية  50 نقطة أساس لتصل إلى نطاق بين 4٪ و 4.50٪، وهو أعلى مستوى له منذ أوائل عام 2008. وأشار إلى تغيير محتمل في كيفية تعامله مع السياسة النقدية لخفض التضخم. 
و تعد هذه الزيادة هي السابعة منذ أن بدء الفيدرالي سلسلة التشديد في مارس الماضي، حيث رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة في  مارس الماضي إلى (0.25%: 0.50%)، وفي مايو إلى (0.75%: 1.00%)، و في يونيو الماضي إلى (1.50%: 1.75%)، وإلى (2.25: 2.50) في يوليو، ثم إلى (2.50%: 3.25%) في نوفمبر المنصرف هو أعلى معدل فائدة منذ 2008 في سبتمبر (إلى 3.75%: 4%)، أما عن الزيادة الأخيرة للعام الجاري فقد رفع الفائدة من (4.25%:4.5%) وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر 2007.


رئيس الإحتياط الفيدرالي: الإجراءات المُتخذة ليست كافيةً لتجنُّب الركود و خفض مستويات التضخم:


إذ قال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إن سياسة المركزي الأمريكي ليست «مشددة بما فيه الكفاية» حتى الآن ، لذا فإن المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة ستكون مناسبة.
ولفت باول إلى أنه على الرغم من تشديد الأوضاع المالية «بشكل كبير» في العام الماضي ، فإن سياسة الاحتياطي الفيدرالي مازالت غير مشددة للغاية. مضيفا: أود أن أقول أن ملخص التوقعات الاقتصادية يدل أننا لم نصل بعد إلى الذروة»، مضيفًا أن ذروة  معدل الفائدة قد  يبلغ 5% أو أكثر.
و أشار باول إلى إنه في حين يعتقد العديد من المستثمرين أن التضخم قد بلغ ذروته وسيتراجع في عام 2023 ، لا يزال مجلس الاحتياطي الفيدرالي يتخذ موقفًا حذرًا.
وأضاف باول: «ما زال المشاركون يرون أن مخاطر التضخم مرجحة نحو الاتجاه الصعودي» كما شدد رئيس الفيدرالي الأمريكي على أهمية إبقاء توقعات التضخم منخفضة.
و تابع: "أن الهبوط الناعم قابلٌ للتحقيق"، مؤكداً  إن الاقتصاد الأمريكي لا يزال بإمكانه تجنب الركود، وأضاف: «لا أعتقد أن أي شخص يعرف ما إذا كنا سنواجه ركودًا أم لا، وإذا دخلنا في مرحلة الركود هل سيكون عميقًا أم لا هذا غير معروف».
وأكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إن البنك المركزي الأمريكي سيحتاج إلى أن يكون واثقًا من مسار التضخم قبل النظر في خفض سعر الفائدة الرئيسي.
ولفت باول إلى أن “التجربة التاريخية تحذر بشدة من سياسة التخفيف قبل الأوان”. “لن أرى أننا نفكر في خفض أسعار الفائدة حتى تثق اللجنة بأن التضخم ينخفض إلى 2% بطريقة مستدامة”.


الاحتياطي الفيدرالي يتوجه لإستكمال رِحلة رفع أسعار الفائدة:


فيما قالت لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أنها ستواصل تقييم الموقف المناسب للسياسة النقدية من خلال مراقبة انعكاسات البيانات الواردة على التوقعات الاقتصادية، مؤكدة أنها ستكون مستعدة لتعديل موقف السياسة النقدية بالشكل المناسب إذا ظهرت مخاطر قد تعرقل تحقيق أهداف اللجنة.
وأشارت اللجنة في بيان: «أن المؤشرات الأخيرة تير إلى نمو متواضع في الإنفاق والإنتاج». «كانت مكاسب الوظائف قوية في الأشهر الأخيرة ، وظل معدل البطالة منخفضًا. لا يزال التضخم مرتفعًا ، مما يعكس اختلالات العرض والطلب المتعلقة بالوباء ، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة ، وضغوط الأسعار الأوسع».
وتابع البيان: «تتسبب حرب روسيا ضد أوكرانيا في صعوبات بشرية واقتصادية هائلة. تساهم الحرب والأحداث ذات الصلة في زيادة الضغط على التضخم وتؤثر على النشاط الاقتصادي العالمي. واللجنة حريصة للغاية على الحد من مخاطر التضخم».
يذكر أن نمو معدل التضخم في الولايات المتحدة قد تباطأ للشهر الثاني على التوالي إلى 7.1 خلال شهر نوفمبر الماضي على أساس سنوي من 7.7% في أكتوبر، وجاءت القراءة أفضل من التوقعات التى كانت عند 7.3%.


في إجراءاتٍ تهدُف لحماية قيمة العملات الوطنية.. دولٌ خليجيةٍ تقتدي بالفيدرالي الأميركي و ترفع أسعار الفائدة:


إذ سارعت البنوك المركزية الخليجية لرفع أسعار الفائدة عقب رفعها من جانب الفيدرالي الأمريكي، إذ أعلن البنك المركزي السعودي  إنه رفع أسعار الفائدة الرئيسية 50 نقطة أساس مقتفيا أثر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في هذا الصدد، وذلك في ظل ربط الريال السعودي بالدولار.
وأضاف في بيان أنه رفع أسعار إعادة الشراء وإعادة الشراء العكسي 50 نقطة أساس إلى خمسة في المئة و 4.5 في المئة على التوالي.
فيما قال البنك المركزي الإماراتي إنه سيرفع سعر الفائدة الأساسي 50 نقطة أساس إلى 4.4 في المئة اعتبارًا من يوم الخميس، مع زيادة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الفائدة بالنسبة نفسها.
وأضاف البنك في بيان إنه سيحافظ على سعر الاقتراض للسيولة قصيرة الأجل من المصرف المركزي من خلال جميع التسهيلات الائتمانية الدائمة عند 50 نقطة أساس فوق السعر الأساسي.
كما قال مصرف قطر المركزي  إنه سيرفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس، تماشيا مع أحدث رفع قام به مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
وأضاف المصرف في بيان إنه سيرفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس على الودائع إلى خمسة بالمئة والإقراض إلى 5.5 بالمئة وإعادة الشراء إلى 5.25 في المائة اعتبارا من يوم الخميس.
و رفع مصرف البحرين المركزي أسعار الفائدة الرئيسية 50 نقطة ، بعد قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) برفع أسعار الفائدة بالقدر نفسه.
وقال المصرف في بيان إن سعر الفائدة على الودائع لمدة أسبوع ارتفع إلى 5.25 في المئة من 4.75 في المئة، كما ارتفع سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة إلى خمسة في المئة 4.5 في المئة.
وارتفع سعر الفائدة على الودائع لأجل أربعة أسابيع إلى ستة بالمئة، صعد كذلك معدل الإقراض إلى 6.5 في المئة.


في ظلِّ مواجهتها مخاطرَ أزمةِ رُكود.. بريطانيا ترفعُ معدلات الفائدة في محاولةٍ لخفض معدلات التضخم:


إذ حذر بنك إنجلترا من أن بريطانيا ستشهد أطول كساد اقتصادي، بعدما رفع سعر الفائدة إلى أعلى معدلاته، منذ 33 عاما.
وأوضح في توقعاته لأداء الاقتصادي البريطاني في المستقبل أن البلاد ستواجه فترة تراجع "صعبة جدا" في العامين المقبلين، وحذر من أن معدلات البطالة سترتفع إلى ما يقارب الضعف.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة إلى 3 في المئة، من 2.25 في المئة، وهو أعلى معدل منذ 1989.
وأدى هذا إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض إلى أعلى سعر منذ 2008.
ويعتقد بنك إنجلترا أن رفع سعر الفائدة سيجعل الاقتراض أكثر تكلفة، ويثني الناس عن إنفاق الأموال، لتخفيف الضغط على الأسعار.
وكان البنك المركزي توقع، في وقت سابق، أن تدخل بريطانيا في فترة كساد اقتصادي بنهاية هذا العام، ويستمر هذا الكساد طوال العام المقبل.
ولكنه الآن يقول إن بريطانيا دخلت فعلا فترة التراجع الاقتصادي في الصيف، وسيستمر الاقتصاد في تراجع إلى العام المقبل ومنتصف عام 2024، الذي قد تجري فيه انتخابات عامة.


تصنيف بريطانيا الإئتماني يبدأ بالتأثّر جراء الأزمات الاقتصادية:


إذ غيرت وكالة التصنيفات الائتمانية، موديز، توقعاتها للاقتصاد البريطاني إلى "سلبية"، بسبب عدم الاستقرار السياسي وارتفاع معدلات التضخم في البلاد.
وخفضت موديز توقعاتها لبريطانيا من "مستقر" إلى "سلبي". 
ولكن موديز ووكالات كبيرة أخرى مثل ستاندرد أند بورز أبقت على درجة الائتمان البريطانية.
أما ستاندرد أند بورز فأبقت على درجة التصنيف AA لبريطانيا، وهي أعلى درجة في سلم تصنيفاتها. وأبقت كذلك على تقييمها المستقبلي الذي غيرته من "مستقر" إلى "سلبي".
وتؤثر التصنيفات على التكلفة، التي تدفعها الحكومة للاقتراض من الأسواق المالية الدولية. 
وقالت موديز إن دافعين اثنين أديا بها إلى تغيير توقعاتها الاقتصادية البريطانية.
ويتمثل الدافع الأول في "ارتفاع المخاطر على الائتمان البريطاني، بسبب عدم الوضوح في وضع السياسات والتغير المستمر للمشهد السياسي الداخلي".
وقالت إن هذا الأمر أعاق "قدرة بريطانيا على التعامل مع الصدمة، التي نجمت عن توقعات بمستويات نمو أضعف، وارتفاع معدلات التضخم".
وقالت موديز إن عدم قدرة الحكومة على وضع سياسة تبدد مخاوف المستثمرين من محفزات بلا تمويل أضعف مصداقية السياسات البريطانية أكثر، كما أنه من غير المرجح أن يفلح التراجع عن أغلب التخفيضات الضريبية في استعادة تلك الثقة كاملة".
أما الدافع الثاني، الذي أدى بموديز إلى تغيير توقعاتها، فهو "تزايد مخاطر قدرة بريطانيا على الاقتراض بسبب حجم القروض، ومخاطر استمرار معدلات التضخم العالية".
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة إن الأسواق المالية العالمية "شهدت تذبذبا كبيرا في الأسابيع الماضية".
وجاء في بيان: "لا يمكن لأي حكومة وطنية أن تمنع هذا الأمر، ولكن بإمكاننا أن نقدم ضمانات على استدامة المالية الحكومية".
وأضاف البيان أن "أسس الاقتصاد البريطاني لا تزال قوية، إذ أن بريطانيا تسجل أدنى معدل ديون بالنسبة لإجمالي الناتج الخام في مجموعة الدول السبع، ومعدل البطالة في أدنى مستوياته منذ 50 عاما".
وقالت وكالة التصنيفات إنها نظرت إلى الميزانية المصغرة، التي وضعتها الحكومة، وكذا التراجع عن أغلب السياسات التي تضمنتها، وتغيير رئيسة الوزراء على أنها "انعكاس لاستمرار عدم الوضوح في وضع السياسات الضريبية، التي كانت سائدة في السنوات الماضية".
وقال وزير المالية، جيريمي هانت، إن التضخم "ألقى بحمله على العائلات والمتقاعدين والمؤسسات التجارية".
وتعهد بأن تكون أولوية الحكومة "السيطرة" على التضخم.
وقال إن البنك المركزي تدخل للمساعدة في تحقيق هذا الهدف.
وأضاف هانت أن "سعر الفائدة في ارتفاع عبر العالم، لأن الحكومات تسعى بصعوبة إلى التعامل مع ارتفاع الأسعار، بسبب جائحة فيروس كورونا وحرب أوكرانيا".
وتابع قائلا إن أهم شيء على الحكومة البريطانية فعله الآن هو استعادة الاستقرار، وضبط المالية الحكومية، وتقليص الديون، بحيث تبقى زيادة سعر الفائدة في مستويات معقولة.


البنك الدولي يُحذّر من رُكودٍ عالميّ بسبب معدلات الفائدة المرتفعة:


إذ قال البنك الدولي إن رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم قد يؤدي إلى ركود عالمي في عام 2023.
وأشار إلى أن البنوك المركزية قد رفعت أسعار الفائدة "بدرجة من التزامن لم نشهدها خلال العقود الخمسة الماضية" لمواجهة ارتفاع الأسعار.
ويهدف رفع أسعار الفائدة إلى جعل الاقتراض أكثر تكلفة، في محاولة لخفض وتيرة ارتفاع الأسعار. لكن الإجراء قد يؤدي إلى إبطاء وتيرة النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن دراسة وجدت أن "الاقتصادات الثلاثة الأكبر في العالم – الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو – تتباطأ بشكل حاد".
وقال: "في ظل هذه الظروف، فإن أي ضربة معتدلة للاقتصاد العالمي خلال العام المقبل قد تدفعه إلى الركود".
كما دعا البنك الدولي البنوك المركزية إلى تنسيق إجراءاتها و"الكشف عن قرارات السياسة بوضوح" من أجل "تقليل درجة التشديد المطلوب".
فيما قال صندوق النقد الدولي، إن آفاق الاقتصاد العالمي تبدو أكثر كآبة مما تبدو عليها، وسط تصاعد المخاطر من دخول عديد الاقتصادات في ركود خلال 2023.
والشهر الماضي، خفّض صندوق النقد الدولي، توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2023 إلى 2.7% أقل بمقدار 0.2% عن التوقعات السابقة في يوليو/تموز، وسط تصاعد التحديات الاقتصادية حول العالم.
وذكر الصندوق في مدونته، أن تشديد السياسة النقدية من جانب البنوك المركزية بقيادة الفيدرالي الأمريكي لمكافحة التضخم، أضعف الزخم الاقتصادي العالمي.
وأشار إلى أن ضعف نمو الاقتصاد الصيني، له أثر رئيس في توقعات النمو المتراجعة على مستوى العالم، إلى جانب استمرار التضخم والخلل في إمدادات السلع الأساسية.
وزاد: "الواضح أن واقع الاقتصاد العالمي أكثر كآبة مما يبدو عليه، بينما تبدو مشكلة الديون العالمية السيادية آخذة بالتفاقم، بخاصة لدى الاقتصادات النامية".