توقعات بارتفاع أسعار الطاقة بعد قرار اوبك+.. و الولايات المتحدة تصف القرار ب"خيبة الأمل"

news image

مروة شاهين - بث: 
وافقت دول تحالف "أوبك بلاس" الذي يضم دول منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين من خارجها، خلال اجتماعها أمس الأربعاء في فيينا، على قرار بخفض كبير في الإنتاج بمقدار مليوني برميل في اليوم اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني. 
خطوة أوبك + تثير الغضب الأميركي:
وردا على هذه الخطوة، اعتبر البيت الأبيض الأمريكي أن "أوبك بلاس تقف إلى جانب روسيا"، وقال إن الرئيس بايدن "يشعر بخيبة أمل من القرار "القصير النظر".
كما أشار البيت الأبيض إلى أن بايدن -الذي أمر بتوزيع كميات إضافية من الاحتياطي الإستراتيجي في السوق- سيواصل التوجيه بالسحب من هذا الاحتياطي بحسب الحاجة، لحماية المستهلكين وتعزيز أمن الطاقة.
وقالت كارين جون بيير المتحدثة باسم البيت الأبيض إن من الواضح أن أوبك بلس تنحاز إلى روسيا - وفق تعبيرها.
مواقف الدول العربية المصدرة للطاقة:
قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مؤتمر صحفي في ختام اجتماع أوبك بلس إن هذه المجموعة ستبقى قوة أساسية لاستقرار السوق العالمية.
ورأى أن القرارات الاستباقية التي اتخذتها أوبك بلس ساهمت في الحفاظ على سوق نفط مستدام، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق الذي يخفض مستويات الإنتاج سيمتد حتى نهاية عام 2023.
وأشاد وزير الطاقة السعودي بإفراج الولايات المتحدة عن كميات من احتياطيها النفطي، إذ رأى أن هذه الخطوة جاءت في وقتها.
وفيما يتعلق بموسكو، قال الوزير إنه ليس معلوما كيف سيتم فرض سقف لسعر النفط الروسي، وأكد أنه لا أحد في أوبك بلس يمكنه التنبؤ بمستقبل الطاقة.
و  صرح وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي للصحافيين: "القرار سيكون فنيا، وليس سياسيا". مضيفا: "لن نحولها لمنظمة سياسية"، موضحا أن المخاوف من حدوث ركود عالمي ستكون من بين الموضوعات الرئيسية المطروحة على طاولة النقاش.
وقال وزير النفط الكويتي بالوكالة محمد الفارس الأربعاء إن قرار "أوبك بلاس" بخفض الإنتاج ستكون له انعكاسات إيجابية على أسواق النفط. واعتبر أن القرار يجعلهم  أمام مسؤولية كبيرة إزاء متابعة تطورات السوق في حال زيادة المعروض أو كميات الإنتاج، وأن "أوبك بلاس" تعمل على خدمة الاقتصاد العالمي وليس تهديده.
روسيا تصف قرار أوبك ب"الغير مسبوق" :
على الجانب الروسي، وصف ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء القرار الذي اتخذه تحالف أوبك بلس بأنه "غير مسبوق" وعزاه إلى الحاجة لتحقيق التوازن في سوق النفط.
وحذر نوفاك -في تصريحات أدلى بها للتلفزيون الرسمي- من أن التوجه لفرض سقف لسعر نفط بلاده، وهي خطوة اقترحها الاتحاد الأوروبي ضمن عقوبات جديدة مزمعة على موسكو، سيكون له أثر ضار على الأسواق العالمية.
وصرح المسؤول الروسي بأن بلاده قد تخفض إنتاج النفط لمواجهة التأثيرات السلبية إذا قررت القوى الغربية تنفيذ هذه الخطوة، كما أكد أن الشركات الروسية لن ترسل إمدادات النفط إلى الدول التي تعتمد هذا السقف.

تعقيبٌ أميركي:
وفي تعقيب على هذه التطورات، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن بلاده لديها مصالح مشتركة مع السعودية، لكنها ترى أهمية لضمان وفرة إمدادات الطاقة في السوق وبقاء الأسعار منخفضة، وفق تعبيره.
وقد تجاهل تحالف أوبك بلس -الذي يضم أعضاء منظمة أوبك وشركاءهم ومن بينها روسيا- مناشدات البيت الأبيض لمواصلة ضخ إمدادات النفط، وقرر خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، وهو أكبر خفض منذ تفشي كوفيد-19 عام 2020.
وقد تؤدي هذه الخطوة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، وهو ما يخشى محللون أن يزيد معدلات التضخم التي وصلت إلى مستويات قياسية منذ عقود في العديد من البلدان.
وكان محللو "سيتي جروب" قالوا في مذكرة: "إذا ارتفعت أسعار النفط بفعل تخفيضات كبيرة في الإنتاج، فمن المرجح أن يثير ذلك غضب إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي الأمريكية". وأضافوا "قد يكون هناك مزيد من ردود الفعل السياسية من جانب الولايات المتحدة، بما في ذلك سحب إضافي من المخزونات الاستراتيجية".
كما توقع جيه.بي مورجان أن تتخذ واشنطن إجراءات مضادة عن طريق الإفراج عن المزيد من الكميات من المخزونات.
واعتبر محللون أنّ قرار الخفض، الذي يبدأ تطبيقه الشهر المقبل، يقوض جهود الدول الغربية لتقليل عائدات النفط الروسية، ويمثل لحظة فارقة في علاقة تحالف الطاقة الممتدة لخمسة وسبعين عاماً بين الولايات المتحدة و المملكة العربية السعودية. 
وعلى مدار الأشهر الأخيرة، نشطت الإدارة الأميركية، وبصفة خاصة الفريق المختص بملف الطاقة، من أجل التعامل مع ارتفاع أسعار النفط، الذي يمثل أهمية كبيرة للمواطن والسياسي والاقتصادي الأميركي. 
وبعد الاقتراب من سعر 135 دولارا للبرميل، على أثر الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، تراجعت أسعار النفط بأكثر من 30% خلال الأسابيع الأخيرة بسبب تنامي المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في ركود.
وانخفضت أسعار النفط من خام برنت وخام غرب تكساس الأميركي، الأسبوع قبل الماضي، إلى أدنى مستوياتها منذ يناير/كانون الثاني من العام الحالي.
و من المتوقع أن يُحدث قرار أوبك+ ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط في الأسواق العالمية، إذ أن الطلب على استهلاك الوقود و الطاقة قد ازداد خصوصاً بعد انحسار جائحة كورونا و عودة المصانع و الشركات إلى العمل، مما يُحدث فجوة كبيرة في ارتفاع الطلب مقابل خفض الإنتاج، و يؤدي بكل تأكيد إلى ارتفاع غير مسبوق بأسعار الطاقة على المستوى العالمي.