الدعم العسكري لأوكرانيا..لماذا لا تريد أميرِكا هزيمة روسيا؟ و لما الحرب على أوكرانيا بالذّات؟ ( تقرير خاص - بث)

news image

مروة شاهين - بث: 
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّ الولايات المتّحدة ستزوّد أوكرانيا بأنظمة صاروخية متطوّرة تتيح لها إصابة أهداف أساسية في المعارك الدائرة بين قواتها والجيش الروسي الذي يواصل منذ أكثر من ثلاثة أشهر عملياته العسكرية في هذا البلد.
وكتب بايدن في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز «سنزوّد الأوكرانيين بأنظمة صاروخية أكثر تطوّراً وذخائر، مما سيتيح لهم أن يصيبوا بدقّة أكثر أهدافاً أساسية في ميدان المعركة في أوكرانيا».
ولم يوضح الرئيس الأمريكي عن أيّ نوع تحديداً من الأنظمة الصاروخية يتحدّث، لكنّ مسؤولاً كبيراً في البيت الأبيض قال إنّ الأمر يتعلّق براجمات صواريخ من طراز "هيمارس".
وصرّح المسؤول لصحفيين طالباً منهم عدم نشر اسمه إنّ الجيش الأوكراني سيحصل على راجمات هيمارس وصواريخ يصل مداها إلى 80 كلم، واضعاً بذلك حدّاً لأيام عدّة من التكهنّات بشأن طبيعة الأسلحة النوعية الإضافية التي قرّرت واشنطن تزويد كييف بها للتصدّي للغزو الروسي.

ما هي منظومة صواريخ هيمارس؟

"هيمارس" هي راجمات صواريخ تركّب على مدرّعات خفيفة وتُطلق صواريخ موجّهة ودقيقة الإصابة.
وأوضح المسؤول أنّ الصواريخ التي سترسلها الولايات المتّحدة إلى كييف يصل مداها إلى 80 كلم فقط، على الرّغم من أنّ الجيش الأمريكي لديه صواريخ من النوعية نفسها يصل مداها إلى مئات الكيلومترات.
وقال المسؤول الكبير في البيت الأبيض إنّ هذه الأنظمة ستستخدم من قبل الأوكرانيين لصدّ التقدّم الروسي على الأراضي الأوكرانية لكنّها لن تُستخدم ضدّ الأراضي الروسية.
وكان بايدن أكّد لصحفيين صباح الإثنين من أسبوع الماضي أنّ الولايات المتّحدة لن  ترسل إلى أوكرانيا أنظمة صاروخية يمكنها أن تصيب أهدافاً داخل روسيا، ولم يتّضح في الحال عدد هذه الراجمات الصاروخية التي تعتزم واشنطن إرسالها إلى كييف.
و أشار الرئيس الأمريكي إلى أنّه يريد أن تكون أوكرانيا في أقوى موقف ممكن في حال دخلت في مفاوضات مع روسيا، وأضاف بايدن: «نحن لا نشجّع أوكرانيا ولا نزوّدها وسائل لشنّ ضربات خارج حدودها».
و في الإطار نفسه قال وزير الخارجية أنتوني بلينكين، إلى جانب الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج: «لقد قدم لنا الأوكرانيون تأكيدات بأنهم لن يستخدموا هذه الأنظمة ضد أهداف على الأراضي الروسية» واضاف: «روسيا ، مرة أخرى ، هي التي اختارت شن هذا العدوان يمكنهم إنهاء ذلك في أي وقت ، وسوف نتجنب أي مخاوف بشأن سوء التقدير أو التصعيد».

الموقف الروسي من تزويد الولايات المتحدة أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى

في هذا الصدد قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن واشنطن تؤجج الوضع بتزويدها أوكرانيا بأنظمة صواريخ بعيدة المدى، وأضاف «نعتقد أن الولايات المتحدة تتعمد صب الزيت على النار، من الواضح أنها تتمسك بالخط القائل إنها ستقاتل روسيا حتى آخر أوكراني» ؛ فيما قال  سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أن أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن زادت من خطر وقوع اشتباكات مباشرة بين موسكو وواشنطن من خلال تزويد أوكرانيا بالصواريخ.

ماهي أهداف الدعم الغربي-الامريكي لأوكرانيا؟

منذ بدء حرب روسيا على جاتها أوكرانيا، تلخصت المساعدات الغربية و خصوصاً المساعدات العسكرية بأسلحة يمكن وصفها بالدفاعية أكثر مما تكون هجومية، و هذا يدل بوضوح على الأهداف الرئيسية للغرب من دعم اوكراينا، هو أن: 
١-ان تبقى أوكرانيا قادرة على الدفاع عن نفسها في مواجهة الهجوم الروسي، دون ان يستدعي ذلك تدخلاً عسكريا مباشر او غير مباشر من قبل حلف الناتو او اي دولة عضوة بالحلف.
٢-أن لا تسقط العاصمة كييف في يد القوات الروسية، مما يحول دون تغيير النظام السياسي الأوكراني من نظام موالي للغرب و الاتحاد الاوروبي و يدعم دخول أوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي، الى نظام موالٍ لروسيا و يعادي الغرب و الاتحاد الاوروبي و حلف الناتو، و بالتالي يعطي روسيا عمقاً استراتيجيا في الداخل الاوكراني و يكسبها مناعة طبيعية ضد اي عدوان محتمل من جانب حلف شمال الأطلسي.
٣-الحرص على عدم استفزاز روسيا الى الحد الذي يُشعره بالخطر الكبير الجدّي على أمنه القومي، مما يحول دون تطوير الصراع ليخرج من دائرة الأراضي الأوكرانية الى الفضاء الرقمي سواء عبر الحرب السيبرانية بين الولايات المتحدة الامريكية و حلفائها من جهة و بين روسيا من جهة أخرى او الى مواجهة عسكرية مباشرة بين الجانبين.
٤- إبقاء الصراع العسكري محدوداً بحيث لا تصبح عمليات المقاومة العسكرية الأوكرانية تشكل خطراً جدياً على الأمن القومي الروسي مما يحول دون تتوسع دائرة الصراع العسكري ليشمل دولاً أخرى على الحدود الروسية كفنلندا و السويد على سبيل المثال، مع الحرص على الاستنزاف الكامل للقدرات العسكرية و المعنوية الروسية بحيث لا يمكن للجانب الروسي أن يفكر مجرد التفكير في فتح جبهة عسكرية جديدة مع دول اخرى بخلاف أوكرانيا في أوروبا الشرقية.
٥-إطالة الصراع العسكري بقدر الإمكان بحيث تستطيع الولايات المتحدة الامريكية و حلفائها تحقيق أكبر قدر من الاستنزاف للموارد الروسية سواء العسكرية أو الاقتصادية او البشرية، مما يُضعف من قوة و تماسك اقتصادها الوطني و يعطي ذريعة للغرب لتشديد العقوبات على روسيا بحيث تستطيع هذه العقوبات أن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الروسي لا سيما إن روسيا -و لحد هذا الوقت- نجحت نسبياً في تخفيف آثار هذه العقوبات الاقتصادية بواسطة الاستخدام الكامل لكافة مواردها المالية الاحتياطية، و لهذا فإن الدول الغربية تريد إطالة أمد العقوبات بهدف تجفيف الاحتياطات الروسية من النقد الاجنبي، إضافة الى ضرب قطاع الطاقة الروسي و الذي يشكل عاموداً رئيسياً لاقتصاد البلاد.

لماذا لا تريد الدول الغربية هزيمة روسيا في أوكرانيا؟

إنه من الواضح أن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لا تريد لأوكرانيا أن تُلحق هزيمة بالجانب الروسي، و هذا لا يعود في الأغلب الى محبة الغرب لروسيا من عدمه، بل يعود بكل بساطة الى الاهداف الاستراتيجية للغرب و التي يتم بنائها بشكل منظم و علمي عن طريق مؤسسات متخصصة في دراسات الأمن القومي و الدراسات السياسية و الاستراتيجية.
و هنا نعود لنجيب عن السؤال الذي طرحناه للتو: لماذا لا تريد الولايات المتحدة الامريكية هزيمة روسيا و تفكيكها؟
الإجابة بكل بساطة أن إزالة روسيا عن الخريطة العالمية ليس من أهداف الولايات المتحدة الامريكية و لا من أهداف حلف الناتو الذي تقوده الأخيرة، بل إن كل ما يصبو اليه حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية هو "احتواء" الدب الروسي و ليس تفكيكه او إزالته عن الخريطة العالمية.


ما هي سياسة الإحتواء؟

تعرف سياسة الاحتواء بأنها أسلوب استراتيجي وجيوسياسي في السياسة الخارجية، التي تتبعها الولايات المتحدة، إذ يرتبط المصطلح بشكل كبير بفترة الحرب الباردة، حيث استخدم لوصف الاحتواء الجيوسياسي للاتحاد السوفييتي التي بدأت في الأربعينيات، وتُعرف استراتيجية الاحتواء بأنها سياسة الحرب الباردة الخارجية للولايات المتحدة وحلفائها، لمنع انتشار الشيوعية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. 
إذاً نرى أن الولايات المتحدة الامريكية و منذ أيام الحرب الباردة، تستخدم سياسة الإحتواء ضد الاتحاد السوفياتي السابق و ليس سياسة التفكيك أو سياسة الإنهيار، ولا تزال تنتهج نفس السياسة ضد وريثته روسيا، و لكن قد يتبادر الى الذهن السؤال الآتي: 
إذا كان الاتحاد السوفيياتي السابق و وريثته يمثلان العدو الأول للولايات المتحدة الامريكية فلماذا لا تسعى الأخيرة الى الحاق هزيمة مضّرة بروسيا قد توصلها الى حد الانهيار؟

للإجابة عن هذ السؤال لا بد لنا من القاء نظرة عامة على طريقة تعامل الولايات المتحدة الامريكية مع خصومها، فالولايات المتحدة لم تنتهج ضد خصومها سياسة الإنهاء او الإزالة بل سياسة احتواء الخصم و ترويضه لجعله يتصرف ضمن السلوك الذي تسمح به الولايات المتحدة و تجعله في سياساته الخارجية يلعب ضمن قواعد اللعب التي وضعتها الولايات المتحدة الامريكية في ما يسمى بالنظام العالمي.
و لعل أكبر دليل عل هذا هو ما قاله الجنرال إسماي، المستشار السياسي و العسكري الاقرب الى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل إبان فترة الحرب الباردة، أن هدف الولايات المتحدة الامريكية من تأسيس حلف شمال الأطلسي هو « إخضاع الألمان، و إبقاء الروس خارج لعبة القوة، بينما تبقى الولايات المتحدة الامريكية داخلها»، أي أن محو الروس عن الخريطة العالمية لم يكن هدف السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بل كان هدفها إبقائهم خارج لعبة القوة، او على الأقل جعلهم يلعبون بما تمليه عليهم قواعد اللعب الاميركية.
و يُثبت لنا تاريخ العلاقات الدولية صحة ما قاله الجنرال اسماي، فالولايات المتحدة الامريكية بعد هزيمتها لخصمها اللدود المتمثل في الامبراطورية اليابانية إثر نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تختر أن تقسم اليابان الى مقاطعات سياسية صغيرة و بالتالي تفكيك اليابان الى دول صغيرة و بهذا يتم إزالة عن الخريطة السياسية العالمية -عكس ما فعلته فرنسا و بريطانيا في تفتيت الأراضي العربية الى كيانات صغيرة اثر اتفاقية سايكس بيكو- بل اختارت الولايات المتحدة الامريكية الابقاء على دولة اليابان و ترويضها لتصبح دولة فاعلة في الاقتصا العالمي و لكن بالشروط و القواعد التي تحددها الولايات المتحدة بحيث تظل اليابان تتحرك تحت المظلّة الاميركية، و كذلك فعلت مع المانيا.
لهذا فإن الولايات المتحدة الامريكية لا تهدف من دعمها لأوكرانيا الحاق الهزيمة بخصمها الروسي، بل الى ابقائه يلعب في الحد التي ترسمه الولايات المتحدة، اي إبقاء مناطق النفوذ الروسي في أوروبا الشرقية محصورة ببيلاروسيا، مع إبقاء أوكرانيا و باقي الدول المحاذية لروسيا على حدودها الغربية تحت مظلة الولايات المتحدة الامريكية، بالإضافة إلى ضم فنلندا و السويد الى حلف الناتو، و ثم أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، و لهذا تسعى الولايات المتحدة الى تدعيم عمليات المقاومة العسكرية الأوكرانية بهدف تقوية موقف اوكرانيا في المفاوضات التب ستعقدها مع الجانب الروسي لتجنب أكبر قدر ممكن من الخسائر وتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب للجانب الأوكراني.

السياسة الخارجية الاميركية..الخصم الذي تعرِفه أفضلُ من الذي لا تعرِفه

ربما تفضل الولايات المتحدة الامريكية سياسة الإحتواء على غيرها من اساليب السياسة الخارجية لكون الولايات المتحدة تفضل التعامل مع خصوم تعرفهم جيداً، أو ربما تكون قد تعلمت هذا المبدأ من الحالة الإيرانية، إذ كان تعامل الولايات المتحدة مع حكومة مصدّق أهون عليها من التعامل مع نظام خامنئي، و سابقاً أدركت الولايات المتحدة الامريكية أن التعامل مع الخصم الروسي، الذي يقيم نظام حكمه استناداً الى موروثات روسيا القيصرية و ليس استناداً الى الموروثات السوفياتية، سيكون أفضل من التعامل مع عدة كيانات مجزاة و متشرذمة في شرق العالم.

الإبقاء على الخصم..لماذا تريد الولايات المتحدة بقاء الكيان الروسي متماسكاً؟


لا شك في إن سياسة الإبقاء على الخصم ليست السياسي التي تستخدمها الولايات المتحدة الامريكية مع جميع جميع خصومها، و لكنها أصرت دائما على انتهاج هذه السياسة مع روسيا، فلماذا من مصلح الولايات المتحدة الامريكية بقاء الكيان الروسي متماسكاً ؟ 


١-يكمن السبب الأول في رغبة الولايات المتحدة الامريكية بقاء روسيا كدولة موحدة تتمتع ببعض القوة الاقليمية التي تمكنها من الدفاع عن امنها القومي في عدم رغبة الولايات المتحدة بتفكك روسيا الى كيانات صغيرة ضعيفة على الحدود الشمالية للصين، مما يسمح للصين بمد نفوذها شمالاً الى هذه الكيانات، و إن بقاء روسيا موحدة يضمن للولايات المتحدة عدم توسيع النفوذ الاقليمي للصين شمالاً، و بالتالي تبقى روسيا و الدول الخاضعة للنفوذ الروسي في آسيا الوسطى بمأمن عن تمدد نفوذ التنين الصيني.
٢- لا يخفى على كل قارئ للعلاقات الدولية و السياسة العالمية أن روسيا هي الغول التي تُرعب به الولايات المتحدة أوروبا لتبقى خاضعة للنفوذ الأمريكي و لا تخرج من العباءة الأمريكية، فلولا وجود الدب الروسي على حدود أوروبا الشرقية لما تمكنت الولايات المتحدة الامريكية من بسط نفوذها على القارة الاوروبية و من نشر جنودها على كامل القارة في قواعد عسكرية تابعة لحلف الناتو، ذاك الحلف التي تم إنشاؤه بالأساس لحماية أوروبا من الخطر الآتي من الشرق و الذي يتمثل في الاتحاد السوفياتي السابق و وريثته روسيا.
٣- عامل القوة النووية: إذ تخشى الولايات المتحدة الامريكية من استخدام الروسي فعلياً لأسلحة الدمار الشامل في حال استشعارهم خطراً جدّياً و وجودياً على استمرارية بلدهم، مما يجعل من سياسة الإبقاء على الخصم مع إحتوائه، السياسة الخارجية الأمثل التي قد تتبعها الولايات المتحدة الامريكية مع الجانب الروسي.

لماذا أوكرانيا بالتحديد هي من تدفع ثمن الصراع بين روسيا و الغرب؟

لماذا لم تغزو روسيا فنلندا او السويد مثلا؟ً، فكلتا الدولتين تقعان على الحدود الروسية، و كلاهما تخضعان للنفوذ الامريكي المباشر أكثر من اوكرانيا التي يوجد فيها فئات غير قليلة موالية لروسيا، فلماذا تدفع اوكرانيا وحدها ثمن المناكفات بين الولايات المتحدة الامريكية و حلفائها و بين روسيا؟.
إن الإجابة عن هذه التساؤلات تحتاج الى نظرة شاملة للأوضاع الجيوسياسية و الجيوإستراتجية القائمة في أوروبا الشرقية، فأوكرانيا ه‍ي الميدان الأمثل لمواجهة الروس لأسباب عديدة و منها: 
١-كون أوكرانيا تقع جيوسياسياً في خاصرة روسيا، أي أن الحدود الأوكرانية الروسية هي الأمثل من الناحية العسكرية و السياسية لإختراق العمق الروسي، نظراً لطول الحدود و لقربها من مناطق العمق الاستراتيجي، و لعدم وجود موانع طبيعية تحول دون التقدم العسكري تجاه روسيا نظراً لسيطرة السهول على طبيعة مناطق الحدود الروسية الأوكرانية.
٢-كون أوكرانيا هي الأكثر تأثيراً على روسيا من الناحية الجيوإستراتجية، فمن المعروف لكل قارئ للسياسات الخارجية الروسية أن روسيا تسعى كهدف أول للوصول الى المياه الدافئة من أجل تأمين نشاطات تجارتها الخارجية نظراً لكون البحار و المسطحات المائية التي تطل عليها روسيا متجمدة في الغالب و لا تكون صالحة للملاحة سوى خلال اشهر قيلة في السنة، مما يجعل من البحر الأسود، المنفذ الوحيد لروسيا الى المياه الدافئة ، و إن أوكرانيا تشاطر روسيا سواحلها على البحر الأسود و تستطيع عرقلة نفاذ السفن الروسية المتجهة الى مضيقي البوسفور و الدردنيل، و هذا ما يحدث الآن بالفعل، إذ ان روسيا تركز على احتلال المناطق الأوكرانية الواقعة على سواحل البحر الأسود (مثلاً ماريوبل و اوسيتا) بهدف ضمان سلامة السفن التجارية الروسية التي تمر من البحر الأسود نحو المسطحات المائية العالمية.
٣- إحداث شرخٍ كبير في العلاقات الروسية الأوكرانية ، فالسويد مثلاً لم تكن جزءاً من الامبراطورية الروسية، و كذلك فنلندا، على عكس اوكرانيا التي لطالما كانت موحدة مع روسيا منذ نشاة الدولة الروسية تاريخياً من نواة دوقية موسكو، و حتى إبان الفترة السوفييتية، كانت اوكرانيا جزءاً مهما جداً من الاتحاد السوفياتي، و لم تصبح اوكرانيا دولة مستقلة سوى منذ ما يقارب الثلاثين عاما اي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، و بالتالي لا يزال الحنين الى الاتحاد مع الوطن الام روسيا موجوداً بقوة لدى فئة كبيرة من الأوكرانيين، و لهذا فإن الصراع العسكري بين الجانبين يضمن للولايات المتحدة الامريكية و حلفائها في الغرب حدوث نوع من الكراهية و العداء تجاه روسيا من قبل الأوكران، بما يضمن عدم صعود أصوات تطالب بالوحدة مع روسيا، او وصول اي تيارات سياسية موالية لروسيا الى الحكم في كييف. 
و هكذا، نرى أن الصراع بين الشرق و الغرب يعود ليأخذ مكانه في الميدان الأوكراني.

هل تكون أوكرانيا منشئاً لحرب باردة جديدة يتنافس فيها القطبين الروسي و الامريكي عبر حرب بالوكالة مع الولايات المتحدة الامريكية التي وكّلت أوكرانيا بمهمة صدّ التقدم الروسي نحو الغرب؟، 

و هل تتوسع دائرة الصراع لتشمل جبهات اخرى في أوروبا الشرقية بخلاف أوكرانيا؟، و ما مدى احتمالية تدخل الولايات المتحدة الامريكية و حلف الناتو مباشرة في الصراع العسكري لمساندة اوكرانيا؟ هل تُترك أوكرانيا لمصيرها؟


جواب هذه التساؤلات يبقى رهينة حسابات المصالح بين الدول الكبرى المتحكمة في النظام الدولي، و وحدها المجريات القادمة التي ستحدث على حلبة الصّراع ستحدد مصير هذا النزاع نحو التمدد أو الإنحسار.