الإعلام العالمي… إما انحياز أوازدواجية

✍️ عبدالله العميره
من عجائب الإعلام غير المحايد أن تسلك بعض وسائل الإعلام العالمية طريق الدفاع عن المجرم على حساب الضحية.
وعندما تحين ساعة القصاص من المجرم، تتضاعف صيحات بعض هذه الوسائل، موظِّفة "حقوق الإنسان" بطريقة مثيرة للريبة.
عبر التاريخ، لم تكن الحروب ساحة للأخلاقيات المطلقة في فرز الضحايا عن الجناة.
وقد استغل المجرمون هذه الفوضى الأخلاقية للاختباء خلف المدنيين،
بينما وسائل إعلام كثيرة لا تدخل إلى العمق، بل تدار إما بالأموال والرشاوى، أو عبر تبني سياسات تناهض الإنسان نفسه.
ازدواجية المعايير: لبنان وغزة واليمن نموذجًا
تغيب التغطية عن:
إجرام حماس الضعيفة من جهة،
وإجرام وجبروت إسرائيل المتطلعة للتوسع من جهة أخرى.
في اليمن، ارتكب الحوثيون جرائم قتل وإبادة ضد اليمنيين أنفسهم،
ومع ذلك ظل الإعلام العالمي صامتًا، حتى جاء موعد القصاص، فبدأت بعض وسائل الإعلام تتحدث فجأة عن "حقوق الإنسان في اليمن"، متجاهلة الجرائم الأصلية.
مثال حي:
نشرت إحدى وسائل الإعلام العالمية تقريرًا جاء فيه:
"عبر مدافعون عن حقوق الإنسان عن مخاوفهم بشأن مقتل المدنيين، ووجّه ثلاثة أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ رسالة إلى وزير الدفاع يطالبون فيها بمحاسبة المسؤولين عن الخسائر بين المدنيين."
رغم أن القيادة المركزية الأميركية أكدت أن الضربات استهدفت أكثر من 800 هدف حوثي، وشملت قادة ومنشآت تصنيع أسلحة،
إلا أن الخطاب الإعلامي اتجه نحو تصوير الحوثيين كضحايا مجردين من أفعالهم.
أين الحياد؟
وسائل إعلامية دولية كانت تعتبر مرجعية ذات مصداقية، لم تعد اليوم عالمية بالمعنى الحقيقي، بل أصبحت أدوات لأجندات مفضوحة.
📦 خارج الصندوق
في هذا المشهد المربك، كان لا بد أن تظهر وكالة إعلامية عربية تملأ الفراغ بحرفية عالمية حقيقية.
هنا تبدأ القصة...
في يناير 2013، أُطلقت وكالة بث بدعم كريم من معالي وزير الإعلام آنذاك الدكتور عبدالعزيز خوجة، الذي قال خلال تدشين البدايات:
"المهمة كبيرة... وأنت قدها."
حينها كانت الموارد مناسبة، والرؤية واضحة.
وخلال لقاء بين المؤسس ومعالي الوزير، دار حوار لافت:
سأل الوزير عن خطة التوسع والمراسلين.
جاء الرد: "لدينا مراسلون في معظم العواصم العالمية... ولدينا أربعة مراسلين في إسرائيل."
تعجب الوزير وسأل:
"في إسرائيل؟!"
وكان الجواب الحاسم:
"نحن لن نكتفي بما تكتبه وكالات العالم عن إسرائيل كما تفعل معظم وسائل الإعلام العربية.
نحن سنصنع ما نريد أن نعرفه، وننقل الحقيقة بأنفسنا.
في إسرائيل، يدرسون العالم العربي بدقة... بينما نحن لا نعرف عنهم شيئًا.
آن الأوان لأن نغير هذه المعادلة."
شرُحت للوزير رؤية وكالة بث:
تحويل الخبر المحلي إلى مادة عالمية بتقنيات تحرير وتحليل متقدمة،
ونقل القصة العربية للعالم بلغة يفهمها ويصدقها.
ورغم أن الموارد بدأت تتناقص تدريجيًا،
استمرت وكالة بث في التطور والعمل، حتى وضعت هذا العام — مع نهاية إبريل — استراتيجية جديدة للانتقال الفعلي إلى العالمية.
استندت هذه الاستراتيجية إلى دراسة معمقة للمعادلة الإعلامية الكبرى:
الجمهور – الرسالة – الوسيلة – الأثر والتأثير.
خلاصة
بين إعلامٍ عالميٍ فقد حياده، وإعلامٍ عربيٍ يحاول أن يولد بروح عالمية نقية...
تكمن مهمة بث: أن تكون الضوء القادم في زحام الضجيج.