روسيا تقطع الغاز عن دولتين.. هل من أزمة طاقةٍ تلوّح في أوروبا؟
مروة شاهين - بث:
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن إعلان شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم التوقف من جانب واحد عن تسليم الغاز لبعض العملاء في أوروبا هو محاولة أخرى من جانب روسيا لاستخدام الغاز كأداة للابتزاز.
وأضافت فون دير لاين، في بيان: «هذا غير مبرر وغير مقبول، ويظهر مرة أخرى أن روسيا مورد للغاز غير جدير بالثقة».
وقالت إن اجتماع مجموعة تنسيق الغاز منعقد، وإن دول الاتحاد البالغ عددها 27 دولة مستعدة لمواجهة قرارات روسيا.
كما ذكرت أن «الدول الأعضاء وضعت خطط طوارئ لمثل هذا السيناريو، و نحن نحدد الاستجابة المنسقة للاتحاد الأوروبي، كما سنواصل العمل مع الشركاء الدوليين لتأمين تدفقات بديلة».
وكانت غازبروم أوقفت، في وقت سابق من الأربعاء، إمدادات الغاز إلى بلغاريا وبولندا بسبب عدم سداد البلدين مدفوعات الوقود بالروبل، في أقوى رد حتى الآن من الكرملين على العقوبات المشددة التي فرضها الغرب بسبب غزو أوكرانيا.
وبولندا وبلغاريا هما أول دولتين يتم قطع إمدادات الغاز عنهما من قبل المورد الرئيسي لأوروبا منذ غزو أوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير، وأودى بحياة الآلاف، وتسبب في تشريد الملايين، وأثار مخاوف من نشوب صراع أوسع.
وقالت وارسو وصوفيا إن وقف الإمدادات يعد خرقا للعقد من جانب جازبروم أكبر شركة للغاز الطبيعي في العالم.
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن تدفع الدول الأوروبية ثمن الغاز بالروبل بعد أن جمد الغرب الأصول الروسية، وعزل موسكو إلى حد كبير عن النظام الاقتصادي الغربي بسبب الحرب في أوكرانيا.
وينقل خط أنابيب يامال-أوروبا الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بولندا، على الرغم من أنه كان يعمل في معظم الوقت بصورة عكسية هذا العام، حيث كان ينقل الغاز شرقا من ألمانيا. وقد ندد رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراوسكي بما وصفه الابتزاز الروسي.
أما بلغاريا فهي بلد عبور إمدادات الغاز إلى صربيا والمجر.
وقال وزير الطاقة البلغاري ألكسندر نيكولوف إن بلاده دفعت تكاليف شحنات الغاز الروسي لشهر أبريل، وإن وقف إمدادات الغاز سيكون خرقا لعقدها الحالي مع غازبروم.
وأضاف نيكولوف «لأننا نفذنا جميع الالتزامات التجارية والقانونية، فمن الواضح أنه في الوقت الحالي يتم استخدام الغاز الطبيعي كسلاح سياسي واقتصادي في الحرب الحالية».
وبعد إصدار شركة غازبروم لبيانها، ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بنسبة تصل إلى 24 في المئة، تزامنا مع تراجع كبير لليورو.
ويأتي الارتفاع المفاجئ في أسعار الغاز مع ارتفاع حرارة الطقس في أوروبا، مما يقلل من الطلب على الغاز الطبيعي لتدفئة المنازل والشركات.
و كانت المفوضية الأوروبية قد قالت إن الشركات الأوروبية يمكنها شراء الغاز الروسي بالروبل دون انتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على موسكو جراء غزو أوكرانيا.
وأوضحت المفوضية، في وثيقة، نُشرت يوم الخميس، أنه من الممكن أن المرسوم الذي أصدرته موسكو والذي يطالب بسداد مدفوعات الطاقة بالعملة الروسية لا يمنع عملية الدفع التي تتماشى مع الإجراءات التقييدية للاتحاد الأوروبي.
وكان المرسوم الذي أصدرته روسيا في أواخر مارس/ آذار طالب الشركات بامتلاك حسابات في شركة غاز بروم الروسية المملوكة للدولة، والتي من شأنها تحويل مدفوعات الغاز إلى روبل ، من أجل الوفاء بالعقود ، بدلاً من التداول مباشرة مع الشركة.
وذكر الاتحاد الأوروبي أنه يمكن لشركات الاتحاد أن تطلب من نظيراتها الروسية الوفاء بالتزاماتها التعاقدية بنفس الطريقة التي كانت عليها قبل اعتماد المرسوم، أي بإيداع المبلغ المستحق باليورو أو الدولار.
و يقول الدكتور خالد ممدوح العزي ، استاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، «ان روسيا في محاولة لتعويض الخسائر التي فرضت عليها من جراء العقوبات المفروضة من الغرب في إطار الحرب الاقتصادية التي تعيشها روسيا، وفي معالجة سريعة لمعالجة هذا الانهيار أمام الدولار ، حدد الرئيس بوتين استراتيجية جديدة لبيع الغاز الروسي للعالم .من خلال اعتماده الروبل الروسي كوسيلة لتسديد الثمن المبرمة بالعقود».
و يعتبر مطلب الدفع بالروبل هو انتهاك أحادي الجانب وواضح للعقود المبرمة من جانب روسيا لأن العقود المبرمة لا تزال سارية المفعول طالما الطرفين لم يتوصل إلى ابرام اتفاقات جديدة .
و أضاف الدكتور العزي ان « تحاول التعامل مع موضوع العقوبات على أنه خلاف اقتصادي وبعيد عن الخلاف العام بسبب الحرب التي تشنها روسيا ضد اوكرانيا، فإن التوقف الروسي أمام مسألة العقود ومحاولة البيع بالروبل هي محاولة روسية جديدة لإبعاد الإشكالية الأساسية التي فرضت عليها من جراء العقوبات باعتبار أن قضية الغاز لا يجب أن تدخل في السياسية، و تحاول الحكومة الروسية من خلال قرار الرئيس الروسي التذاكي على العالم، لأنها تحاول حل المشاكل الداخلية نتيجة انهيار العملة الداخلية في العمل السريع على تثبيت الروبل مقابل الخسائر التي تلقاها الاقتصاد الروسي مما يزيد الطلب على الروبل».
و يتابع قاىلاً «إذاُ مشكلة بيع الغاز الروسي لا يمكن حل المشاكل الداخلية بل هي خارجية ، فالسؤال المهم الذي يطرح نفسه لماذا يريد الروسي بيع الغاز بالعملة المحلية لأنه بحاجة للعملة الصعبة التي أضحى بحاجة فعلية لها لتأمين مشترياتها الأساسية الصناعات الحربية، والأغذية، وبالتالي الروس لا يمكنهم تثبيت الأسعار على الروبل لحل مشاكلهم الداخلية في ظل عدم الاستقرار والضغوط التي تفرض على موسكو، لأن ارتفاع سعر صرف الروبل سيؤدي الى خسائر كبيرة للنظام الروسي، لأن إن استراتيجية الغرب تقوم على عدم فتح اي منفذ للاقتصاد الروسي يستطيع أن تلتف على العقوبات في تأمين أموال لتأمين الحرب، وبالتالي الغرب سيتحمل الأزمة القائمة وسيعمل على تأمين البدائل القادمة لاستيراد الغاز من نيجيريا وكوريا الجنوبية ومصر واسرائيل وأمريكا وقطر والتشاور مع فنزويلا بهذا الخصوص بالإضافة الى الغاز الإيراني الذي سيؤمن بحال ابرام الاتفاق النووي القادم مع ايران، ولكن هناك طريق للغاز والنفط سيؤمن بحال أعطت السعودية ودولة الامارات حوافز بما يتعلق في الأزمة اليمنية والسورية وبالتالي الاستراتيجية الأمريكية ستعمل على الضغط لتعويم الأسواق وكف يد روسيا وقطع شريان الحياة التي تبتز به الغرب».