ماذا يعني إعلان سريلانكا تخلّفها عن سداد ديونها؟
تقرير: مروة شاهين - خاص بث
أعلنت سريلانكا، الثلاثاء أنها ستتخلف عن سداد مجموع ديونها الخارجية البالغة قيمتها 51 مليار دولار، في ظل أزمة اقتصادية عميقة تشهدها البلاد.
وأفادت وزارة المالية السريلانكية بأن الدائنين، بما في ذلك الحكومات الأجنبية التي أقرضت الدولة الواقعة في جنوب آسيا، بإمكانهم رسملة المدفوعات المستحقة اعتبارا من بعد ظهر الثلاثاء أو اختيار أن يحصلوا على أموالهم بالروبية السريلانكية.
وتشهد سريلانكا، التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، أزمة اقتصادية عميقة تتسم بنقص الغذاء والوقود وانقطاع التيار الكهربائي وتضخم متسارع وديون هائلة، ما أدى إلى خروج تظاهرات مناهضة للحكومة منذ أسابيع عدة.
ويقدر البنك الدولي أن 500000 شخص في سريلانكا باتوا تحت خط الفقر منذ بداية وباء كورونا، وهو ما يعادل خمس سنوات من التقدم في مكافحة الفقر.
و كان رئيس البلاد قد أعلن وقت سابق أن سريلانكا في حالة طوارئ اقتصادية ، و منح الجيش السلطة لضمان بيع المواد الأساسية، بما في ذلك الأرز والسكر، بأسعار حكومية محددة.
وحذر نائب محافظ البنك المركزي السابق، وا ويجيواردينا، من أن معاناة الناس العاديين ستؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية، والتي بدورها ستجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لهم. وأضاف: «عندما تتعمق الأزمة الاقتصادية، من الطبيعي أن تعاني البلاد من أزمة مالية أيضا».
وأشار إلى أن «من أكثر المشاكل إلحاحا بالنسبة لسريلانكا عبء الديون الخارجية الهائل، ولا سيما للصين»، فسريلانكا مدينة للصين بأكثر من 5 مليارات دولار، وفي العام الماضي حصلت على قرض إضافي بقيمة مليار دولار من بكين للمساعدة في أزمتها المالية الحادة، والتي يتم سدادها على أقساط.
وقالت عضو البرلمان والاقتصادي المعارض هارشا دي سيلفا، مؤخرا أن احتياطي العملات الأجنبية سيكون 437 مليون دولار بحلول يناير من العام المقبل، في حين أن إجمالي الدين الخارجي للخدمة سيكون 4.8 مليار دولار من فبراير إلى أكتوبر 2022.
وفي الأشهر الـ12 المقبلة، سيُطلب من سريلانكا سداد ما يقدر بـ7.3 مليار دولار في شكل قروض محلية وأجنبية، بما في ذلك سداد سندات سيادية دولية بقيمة 500 مليون دولار في يناير.
إيران و سريلانكا: الشاي مقابل النفط
وقال وزير الحكومة راميش باتيرانا، إن الحكومة تأمل في تسوية ديونها النفطية السابقة مع إيران عن طريق "الشاي"، بحيث يتم إرسال هذا المنتج بقيمة 5 ملايين دولار شهريا، من أجل توفير العملة التي تشتد الحاجة إليها.
وقال صندوق النقد الدولي السبت الماضي إنه بدأ نقاشا على المستوى الفني مع وزارة المالية ومسؤولي البنك المركزي في سريلانكا بشأن برنامج قروض، مشيرا إلى أنه يشعر بقلق بالغ من الأزمة الحالية.
وتبحث الحكومة أيضا عن دعم من بنك التنمية الآسيوي والبنك الدولي وشركاء ثنائيين، منهم الصين والولايات المتحدة وبريطانيا ودول في الشرق الأوسط.
ماذا يعني تخلف أي دولة عن سداد ديونها؟
إن التخلف عن سداد الديون السيادية (ديون القطاع العام) يختلف عن إفلاس الشركات، حيث إنه من الصعب على المقرضين أن يستعيدوا ملكيتهم من الدول المتخلفة عن السداد، مقارنة بالشركات التي لا تلتزم بسداد التزاماتها.
وتميل الدول المتعثرة إلى إعادة هيكلة ديونها، بدلا من إعلان نيتها عدم السداد نهائيا، وهو الإجراء الذي يمثل تقليص مقدار الدين بالاتفاق مع مشتري السندات السيادية، ما قد يمثل ضربة موجعة للمستثمرين.
ويمكن للتخلف عن السداد أن يكون أمرًا موجعًا بالنسبة للدولة المصدرة للسندات، خاصة في حال إذا كان الإجراء غير منظم أو متوقع، حيث يمكن للأفراد المحليين والمستثمرين الذين يخشون من تراجع قيمة العملة المحلية أن يتجهوا لسحب مدخراتهم من البنوك ونقلها لخارج البلاد.
ويمكن للحكومات أن تغلق البنوك وتفرض ضرائب على رأس المال، لمنع هروب المدخرات من البنوك والهبوط السريع للعملة المحلية.
وكإجراء عقابي لعدم السداد، ستتوقف أسواق رأس المال عن إقراض الدولة، أو ستفرض عليها معدلات فائدة مرتفعة للموافقة على الإقراض، كما أن مؤسسات التصنيف الائتماني ستطلق تحذيرات ضد الاستثمار في الدولة، وإن كان التاريخ يشير إلى أن المقرضين يميلون لمنح الدول أموالًا أخرى طالما يحصلون على مقابل للمخاطرة.
و أحياناً قد تضطر الدول المتعثرة عن سداد الديون لاتباع برامج تقشف شديدة الحدّة بتعليمات من دائنيها، مما يؤدي الى تدهور الأوضاع المعيشية و الانسانية لمواطنيها، أو للتخلي عن بعض ممتلكات القطاع العام ( اي ما يعرف بالخصخصة)، او تخليها عن بعض ممتلكاتها الاستراتيجية ( كالمرافئ مثلاً) و تأجيرها للدائنين، أو منح امتيازات للدائنين من الدول أو الشركات و المرسيات المالية، لاستثمار بعض مرافقها الحيوية ( كالموانئ و المطارات أو المناجم و حقول الموارد الطبيعية).