" تطنيش"

news image

 

كتب – عبدالله العميرة

أعكف هذه الأيام على رصد تجاربي في حياتي العملية الصحفية، لأجعلها في كتاب.

أربعون عامًا مليئة بالتجارب والمواقف الإيجابية والسلبية.. كيف  نواجه المواقف غير الجيدة، ونعزز الإيجابيات؟.

أحببت نقلها لمن يريد الفائدة.

دائمًا أكرر قاعدة رسمتها في حياتي:

"التجربة لا تقاس بالعمر/ بالزمن؛ بل بمقدار ما تأخذه من تجارب.. فلربما شخص عمره 20 عامًا يمتلك تجربة أفضل ممن عمره 75 سنة. الأول يستفيد من كل موقف، والآخر لم يستفد شيئًا.. والذكي هو من يستفيد من تجارب الآخرين."

أرجو أن أنتهي من رصد أهم مراحل حياتي وكيف أثرت، وتؤثر على صناعة المستقبل.

 

أحدث التجارب هذه الأيام – وأمثالها كثيرة – تجربة مع بعض المسؤولين.

عندما أقدم خدمات وكالة "بث" الإعلامية، ويعلم الكثير أنني أديرها، معظم المسؤولين لا يعرفون كيف يمكن أن تخدمهم الوكالة.

بعضهم ما زال على ثقافة خدمات الصحف.

لا يفرقون بين عمل وكالة أنباء سعودية عالمية، وبين خدمة صحفية قصيرة وضيقة الدائرة.

يمكن التعرف على نماذج من عمل "بث"  والتعرف على خدماتها، أرجو الدخول على الموقع من هنــا.

 

وسيكون هذا الموضوع  ( التطنيش) جزءًا  يسيراً من كتابي الجديد (أرجو أن أنتهي منه قبل معرض الكتاب بالرياض 2026).

تجارب صنعتني، وأرجو أن تساعد الكثير على تخطي السلبيات وتعزيز الإيجابيات، وتكرس الإبداع.

سياسة "التطنيش" عند بعض المسؤولين

تعطي دلالات كثيرة، منها:

عدم فهمهم لما يريدون.

عدم منحهم الفرصة لشرح العمل والمصلحة.

بطبيعة الحال، لا أحد يتم إجباره على عمل لا يريده. ولكن من حسن الإدارة: الاستماع للمشروع وأبعاده كاملة، ثم التفكير فيه واستشارة من يريد المصلحة للمسؤول وإدارته، ثم اتخاذ القرار – بدون مؤثرات شخصية أو أن يتم إملاؤها – إما بالقبول، وتكملة المشوار، أو الاعتذار.

التطنيش ؛ سياسة وأسلوب غير مقبولين!

قد تكون من أسبابها، أن "المطنش" لايعرف قيمتك، ولا تاريخك، ولاعلاقاتك واحترام الكبار والصغار لك.

أسوأ ما يمر على أي إنسان؛ هو احترام شخص، ثم تكون المفاجأة بالا مبالاة، أو "تطنيش" أو رفض مالا يعلم تفاصيله وفوائده.

سأذكر قصة لها مدلولات ستفهمونها من السياق:

عندما كنت في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، وحدث ما حدث ( تجربة رصدتها  ستظهر في الكتاب)، عدت إلى صحيفة الرياض.

ولم تكن العودة كما أحب للصحيفة التي انطلقت منها في مشواري الصحفي، فقد عدت ولدي من الخبرات المتطورة ما يفوق الخبرات الموجودة في الصحيفة.

أعني أن العمل في المجموعة السعودية كان عملًا صحفيًا احترافيًا عالميًا، أفضل مما في الرياض بكثير.

القصة طويلة.

ولكن في أيامي الأولى من العودة إلى الرياض، طلبني رئيس القسم التجاري في الصحيفة وقال: جئت من شركة إعلاميه عالمي، تتابع كل جديد، وتطبق كل ابتكار جديد مفيد:.. لدينا فكرة ستضاعف الدخل من الإعلانات، ولكن رئيس التحرير لم يوافق على تنفيذ الفكرة !

سألت عن الفكرة؟

قال :  هي تتعلق بتصميم الإعلان ثلاثي الأبعاد.

-

وكما يعرف البعض، أن الإعلان ثلاثي الأبعاد (3D) هو نوع من الإعلانات التي تستخدم تقنيات ثلاثية الأبعاد لإنشاء تجارب مرئية واقعية ومثيرة، سواء كانت على الشاشات أو في المساحات الحية. هذه الإعلانات تستفيد من العمق والبعد الثالث (Z-axis) مما يجعلها أكثر تفاعلًا وجذبًا للمشاهدين. يمكن أن تستخدم هذه الإعلانات في العديد من المجالات مثل:

الإعلانات الرقمية

الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)

التجارب الحية

الصور والفيديوهات الترويجية

التصميم ثلاثي الأبعاد للمحتوى التفاعلي

-

قلت للزملاء في القسم التجاري بصحيفة الرياض – آنذاك - : "وما الذي جعل رئيس التحرير يرفض هذه الفكرة الرائعة؟"

قالوا: أنه يقول: "لا أفهم فيها، وبالتالي لا أريدها!"

كانت الإجابة صادمة لي!

طبعًا، لا يمكنني إقناع شخص لديه هذه القناعة.

 

إلا أنني قلت للزملاء في القسم، لا تحاولوا عرض الفكرة مرة أخرى عليه، بل انتقلوا إلى مرحلة الإقناع بما سيقتنع به.. وإلا؛ عليكم السلام!

وقلت لهم: إذا كانت الفكرة غامضة بالنسبة له، فإن أهم شيء هو أن عليه الاستماع إلى الآخرين، والتحليل الموضوعي. وذكّروه أنه رجل فاهم في الصحافة، وتطور الإعلان والإعلام، وأنه رجل يُعتد به.

وطلبوا منه استشارة الخبراء والفرق المتخصصة قبل أن يرفض فكرة رائعة.

ولو عرضت عليه الفكره وهذه المقترحات، فوراً سيخطر بباله أنني جئت لأمارس الأستاذيه عليه.. وبالتالي سيرفضها فوراً.

ومن الأفضل أن تقنعوه أنتم .

ولم تفلح المحاولات !

 

حتى لا أطيل عليكم أكثر من ذلك...

أدخل في موضوع اليوم، سأضعه أمام الجميع، للفائدة، ولعل "المطنشين" يغيرون من هذه السياسة غير اللطيفة التي لا تليق بمقامهم ومنزلتهم العالية عندي.

 

“ التطنيش”

التطنيش هو مصطلح عامي يُستخدم للإشارة إلى تجاهل أو عدم الرد على شخص أو شيء ما عن عمد. قد يكون المقصود منه عدم إبداء اهتمام أو تجاهل شخص أو موقف بشكل متعمد، وغالبًا ما يُستخدم في السياقات الاجتماعية كطريقة للتعبير عن عدم الرغبة في التعامل مع الشخص أو الموضوع المعني.

كيف ترد على من يطنشك؟

إذا قام شخص بتطنيشك أو تجاهلك، قد يكون الرد عليه بناءً على الموقف وطبيعة العلاقة بينكما. هنا بعض الطرق في التعامل مع الموقف:

الهدوء والتجاهل المتبادل: أحيانًا، أفضل رد هو أن تتجاهل الشخص بنفس الطريقة. ذلك قد يجعله يدرك أن تجاهله لك ليس مقبولًا.

التحدث بصراحة: إذا كنت تشعر أن الشخص يطنشك بشكل غير مبرر، يمكنك التحدث معه بصراحة وبهدوء عن شعورك. على سبيل المثال، "لاحظت أنك لم ترد على رسائلي/ملاحظاتي، هل هناك شيء يمكنني مساعدتك فيه؟"

التفهم والمرونة: ربما يكون الشخص مشغولًا أو لديه ظروف تجعله يتجاهلك. في هذه الحالة، يمكن أن تظهر تفهمك وتمنحه بعض الوقت قبل أن تتوقع منه ردًا.

اختيار الابتعاد: في بعض الحالات، قد يكون الرد الأفضل هو الابتعاد وعدم إضاعة الوقت في شخص لا يُظهر الاهتمام.

كل هذا يعتمد على الشخص المطنش وعلى ما إذا كان لديك رغبة في استعادة العلاقة أو الأفضل الابتعاد عن الموقف.

__

فواصل في السياق... لها علاقة

استمتع بكل لحظة تعيشها

لا تحزن عندما يهجرك أو يتغير عليك البعض، ربما هي دعوتك ذات ليلة: "واصرف عنا شر ما قضيت."

 

عذر راقي

أحيانًا عند الحاجة ولا توجد هذه الحاجة؛ في الشعر الشعبي، بيتين لعبدالله بن مجحود، صديق يريد منه حاجة لم يستطع تلبيتها، فأرسل له هدية، بشتًا وعوًا وبيتين:

 مرحبًا والعذر بشت وعود هندي

عيضة لك في لزوم ما تهيأ

انت تبي حاجة ماهي بعندي

جيت راعيها على شانك وعيّا

عندما تمر بأي منكم مثل هذا الموقف، فلا تحزنوا، استفيدوا من التجربة، والقادم هو الأجمل.

_

في ذلك السياق – أعلاه – أخاطب من أتأمل فيهم العقول المتعلمة والمسؤولة. وليست العقول الجهولية التي تعتقد بالمثل العامي "طنش تعش تنتعش".

العقول الجهولية هي التي تسمع وتقرأ، ولا تفهم رسائل النقد وفوائده، ولا تدرك إشارات التنبيه التي تهدف إلى تخطي السلبيات والتوجه نحو الأفضل. هذه العقول تفتقر إلى المعرفة أو الوعي، حيث يكون أصحابها غير مدركين أو غير مستنيرين في موضوع معين. قد تكون هذه العقول غير راغبة في التعلم أو لا تسعى للبحث عن المعرفة والتطور.