المُصالحة بين تركيا و النظام السوري: لِماذا يُصِرُّ عليها أردوغان و يرفُضها الأسد؟ ما مَصلحةُ تُركيا و روسيا مِنها و هل تَسمحُ بها الولايات المتحدة؟

news image

 

تقرير  - بث: 


منذ بداية الاحتجاجات في سوريا، و ما تبعها من انشقاق ضباط الجيش و الشرطة و نشوء بعض الجماعات المعارضة المسلحة المدعومة من قبل دول خارجية كالولايات المتحدة الأمريكية و حلف الناتو و دول أوروبا، الغربية، اتخذت تركيا مكانها في الصراع الجاري في سوريا، كأكثر الدول معارضةً للنظام السوري، و أصبحت الداعم الأول للمعارضة السورية المسلحة، أو ما بات يُعرف اليوم بالجيش الوطني السوري.
و إن تركيا، الدولة المجاورة لسوريا و التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين، كانت تعرف منذ بداية الحرب ماذا تريد أن تحقق من كونها لاعباً فاعلاً في الحرب السورية، و قد استطاعت بالفعل على مدار اثني عشر عاماً أن تكون من أكبر المستفيدين من مجريات الصراع، فهي الدولة صاحبة النصيب الأكبر من اللاجئين ما أعطاها صلاحية الضغط عل النظام السوري و الإتحاد الأوروبي الذي عانى ما أزمة اللجوء خلال الأعوام السابقة، إضافة إلى النفوذ الذي مارسته تركيا على بعض جماعات المعارضة المسلحة، ما مكنها من لعبِ دور فاعل في الساحة العسكرية السورية، إضافة إلى سيطرة تركيا على مساحاتٍ واسعة في الشمال السوري.

الخارجية التركية: المصالحة بين المعارضة السورية و نظام الأسد باتت ضرورية:


و في هذا الإطار عقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو  اجتماعا مع قادة المعارضة السورية، وسط توالي التصريحات التركية عن انفتاح على الحوار مع النظام السوري والتأكيد على ضرورة المصالحة أو التوافق بين المعارضة والنظام من أجل تحقيق السلام الدائم في سوريا.
وقال جاويش أوغلو، في تغريدة على «تويتر» حينها، إنه استضاف في مقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، سالم المسلط، ورئيس هيئة التفاوض، بدر جاموس، ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى.
و في وقت سابق، ذكرت صحيفة "حرييت" التركية، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعرب عن رغبته في لقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد "لو كان مشاركاً في قمة أوزبكستان".
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن الرئيس التركي أبدى رغبته في لقاء رئيس النظام السوري "لو كان حاضراً في قمة منظمة شنغهاي التي عقدت في العاصمة الأوزبكية سمرقند. لكنه أشار إلى أن الأسد لم يكن يحضر القمة".
وقال معدّ التقرير في صحيفة "حرييت" عبد القادر سلفي، إن أردوغان أدلى بهذه التصريحات بشأن الأسد في اجتماع مغلق لحزب العدالة والتنمية الحاكم. 
ونقل سلفي عن أردوغان قوله في أثناء اجتماع الحزب: "أتمنى لو أن الأسد يأتي إلى أوزبكستان حتى أقابله، لكنه لا يستطيع المجيء إلى هناك. بسببه وبسبب موقفه فإن سوريا على وشك التقسيم، وأشعل حرباً مع المعارضة من أجل الحفاظ على سلطته. فضّل التمسك بسلطته، واعتَقَدَ أنه يحمي المناطق الواقعة تحت سيطرته، إلا أنه لم يستطع حماية مناطق شاسعة".
وأعاد أردوغان قوله: "أتمنى لو أنه جاء إلى أوزبكستان حتى أقابله"، وتابع:" لقلتها في وجهه، حيث إننا قلنا له سابقاً: 'انظر، إذا تصرفت بهذا الشكل، فإن سوريا ستتقسم. وفكر أن المعارضة كبيرة لكنها لا تملك السلاح. تجاهل تحذيراتنا، ولم يكن في حسبانه أن روسيا وأميركا ستدخل إلى سوريا. اختار التمسك بحكمه، إلا أنه فشل في حماية جزء كبير من الأراضي السورية".

الحلّ السياسي: تركيا تحاول تجَنُّبَ إغضاب المعارضة السورية و إستمالة النظام في آنٍ معاً:


إذ أفاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه قد يجتمع مع الرئيس السوري  بشار الأسد  في إطار جهود من أجل السلام، كأعلى المحادثات المعلنة بين أنقرة وحكومة دمشق منذ بدء الأزمة السورية في 2011.
وأضاف  أردوغان خلال كلمة بأنقرة أنه من المقرر عقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا وسوريا لأول مرة من أجل المزيد من تعزيز التواصل بعد محادثات بين وزراء الدفاع الأسبوع.
وقال أدروغان "لقد بدأنا عملية ثلاثية روسية تركية سورية... سنجمع وزراء خارجيتنا معا ثم بناء على التطورات سنجتمع معا على مستوى الزعماء. 
وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مجدداً، أن هناك حواراً يجري بين أجهزة المخابرات السورية والتركية، وسبق أن أكد إردوغان ذلك أيضاً. وقال إن الحوار مع حكومة دمشق يجب أن يكون هادفاً؛ مشيراً إلى أن وحدة الأراضي السورية، وحماية الحدود التركية، والعودة الآمنة للاجئين السوريين، هي ما تسعى إليه بلاده. واعتبر أن مسار «آستانة» هو المسار الوحيد الذي حقق تقدماً. ولفت إلى أن المعارضة تتخذ موقفاً «ناضجاً» من العملية السياسية، بينما لم يؤمن النظام بشكل كامل بها. ورأى أن على الأمم المتحدة إجراء انتخابات تحت إشرافها في سوريا، لتتيح للشعب السوري فرصة تقرير مصيره.
وشدد جاويش أوغلو على أن النظام السوري غير قادر على محاربة الإرهاب، ما يجعل حرب تركيا ضد «الإرهابيين» في سوريا -  في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) -  تصب في مصلحة البلدين.
وأكد أن المعارضة تتطلع لإيجاد حل سياسي لجميع أطياف السوريين، وليس فقط لمناطق المعارضة السورية، وأن الحل السياسي الذي طرح في مؤتمر جنيف هو القرار رقم 2254 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بالإجماع، وأن النظام السوري لا يريد حلا سياسيا.

ما مصلحةُ أردوغان من التصالح مع الأسد؟:


ببساطةٍ و دون تحليلاتٍ عميقة، فإن هدف أردوغان من كافة الخطوات السياسية التي يخطوها في المرحلة الحالية سواء على الصعيد الخارجي أم على الصعيد الداخلي هي الفوز الانتخابات لا غير، فلا شيئ يشغل عقل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان و حزبه الحاكم في الفترة الحالية سوى الانتخابات المُزمع إجرائها في العام الجاري. 
و لأن الانتخابات هي عملية سياسية تعتمد على الناخبين، أي على الشعب التركي و المواطنين الأتراك على وجه الخصوص، فإن كل ما يسعى اليه أردوغان هو حشد الشعب التركي و استمالته إليه لكي يستطيع أن يحصل على عدد الأصوات الكافية التي ستمكنه من الفوز على معارضيه في انتخابات الرئاسة القادمة و بالتالي يبقى في منصبه كرئيس للجمهورية التركية للخمس سنواتٍ المقبلة. 
و إن استمالة الشعب التركي تتطلب اتخاذ إجراءات تساعد في تقليص مشكلاته و مخاوفه، و من المعروف أن أبرز المشكلات التي تواجه الشعب التركي هي الأوضاع الاقتصادية و تزايد أعداد اللاجئين و الأجانب على أراضي الجمهورية التركية، بالإضافة إلى التهديدات الأمنية التي تشكلها التنظيمات الكردية المسلحة المعادية لتركيا و التي تهدف إلى اقتطاع أجزاء من أراضي تركيا لإنشاء الدولة الكردية المدعومة التي يُطلق عليها الأكراد اسم "كردستان". 
و لكن، كيف يُمكن للمصالحة مع بشار الأسد أن تساعد أردوغان في حملته الانتخابية؟

إن أكثر المواد الاعلامية جدلاً في تركيا في الفترة الحالية هي مسألة اللاجئين و الأجانب و أعدادهم التي تتزايد يوماً بعد يوم على الأراضي التركية، و إن المعارضة في تركيا لا تُفوت فرصة لاستخدام هذه المسألة في الهجوم على حزب العدالة و التنمية الحاكم الذي يقوده أردوغان و الذي اعتمد سياسية الباب المفتوح تجاه اللاجئين، بل حتى إن هناك أحزاباً تركية معارضة تعتمد في حملتها الانتخابية بشكل أساسي على وعود ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم. 
إذ دعا محرم إينجه رئيس “حزب الوطن” المعارض  لترحيل اللاجئين المتواجدين في تركيا بأسرع وقت، بعد أن “طالت استضافتهم لدينا”.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن إينجه قوله: “لقد طالت فترة هذه الاستضافة، سنقوم بإغلاق الحدود بشكل فوري، ثم سنقبض عليهم واحدا تلو الآخر في الشارع. نحن نريد ترحيل اللاجئين يا أخي، هل كانوا شركاءنا في تأسيس هذا البلد؟!”.
وأوضح أنه في حال فوز حزبه في الانتخابات المقبلة، فإنه سيعمل أولا "على إغلاق الحدود مع سوريا، وثانيا سنقبض عليهم واحدا تلو الآخر في الشوارع، وسنرسلهم".

وتابع: "نحن لم نؤسس دولتنا بالمشاركة معهم، هل شارك اللاجئون في معارك جناق قلعة ومعارك التحرير والاستقلال؟".

وأضاف: "في الأعياد يذهب نحو 50 ألفا إلى سوريا، وبعد عشر أيام يعودون.. يجب إغلاق الحدود أمامهم".
كما أعلن "الحزب الجيد" التركي المعارض، قراره بتقديم طلب إلى وزارة خارجية النظام في سورية، من أجل اللقاء برئيس النظام بشار الأسد لبحث مسألة اللاجئين.
وصرّح المتحدث باسم الحزب كورشاد زورلو بأن "زعيمة الحزب ميرال أكشنر سبق أن قالت قبل نحو عامين، إنها مستعد للقاء الأسد، وإن الحزب يستعد حاليا لتقديم طلب إلى وزارة الخارجية"، وقد تكون أكشنر على رأس الوفد.
كما أوضح المتحدث أن الشعب التركي سيتمكن من معرفة الخطوات ومراحل اللقاء، التي يتم تحديدها من قبل وزارة خارجية النظام بشفافية، مع تأكيده أن الحزب مصر على هذا اللقاء.

كيف يُمكِن للأسد مساعدة أردوغان في تحقيق أهداف حملته الانتخابية؟:


إن التصالح مع نظام الأسد، سيجلب بكل تأكيد تشويهاً للصورة التي تحاول تركيا رسمها لنفسها كحليف وفي و مخلص لبعض الجماعات المعارضة سواء في سوريا او مصر أو ليبيا، و لكن هذا التشويه للصورة التركية الذي سينتج عن مصالحة أردوغان مع الأسد، لن يُسبب ضرراً بحتاً خالصاً لأردوغان، بل سيحمل معه العديد من الأوراق الرابحة التي ستساهم في مساعدة أردوغان على إسكات معارضيه و هزيمتهم في ما يتعلق بالدعاية الانتخابية حول مسألة اللاجئين السوريين و التهديدات الأمنية التي تشكلها التنظيمات الكردية المسلحة المعادية لتركيا.
فهذه الجماعات الكردية التي تنتشر في الشمال السوري على الحدود السورية التركية، لديها اتفاقات و تفاهمات مع قوات نظام الأسد و القوات الروسية العاملة في سوريا، و إن انتشار هذه الجماعات يحصل بالتنسيق بينها و بين قوات الأسد و القوات الروسية، و بالتالي فإن أي تفاهم تركي سوري قد يحصل في الفترة القادمة، لا بد أن يحمل معه شروطاً تتعلق بتقليص نفوذ و امتداد هذه الجماعات و قطع الإمدادات العسكرية عنها و وقف التنسيق بينها وبين القوات الروسية و قوات الأسد، و بالتالي تحجيم الوجود الكردي المسلح على الحدود السورية التركية.
و هكذا تكون مشكلة التهديدات الأمنية قد حُلتّ بشكل كبير، ما يخفف العبئ عن كاهل حزب العدالة و التنمية الذي تتهمه أحزاب المعارضة التركية بالعجز عن حماية البلاد من خطر حزب العمال الكردستاني و التنظيمات الأخرى التابعة له، لا سيما بعد انفجار إسطنبول الذي حدث في أواخر العام الماضي و الذي أعاد مسألة الأمن القومي التركي إلى الواجهة من جديد، واضعاً أردوغان في موقف محرج أمام معارضيه.
أما بالنسبة لمسألة اللاجئين السوريين، فإن العائق الأكبر أمام عودتهم يكمن في المخاوف الأمنية على سلامتهم، نظراً لكون معظمهم من المطلوبين لدى النظام السوري بتهم عديدة، كالانضمام إلى جماعات معارضة لنظام الحكم او جماعات متطرفة، أو الهروب من الخدمة العسكرية، و بالتالي فإن اللاجئين يرفضون العودة رفضاً تاماً، و بالتالي فإن تركيا تسعى من خلال مصالحتها مع نظام الأسد إلى الحصول على بعض الضمانات التي من شأنها طمانة اللاجئين لحملهم على العودة إلى بلادهم.

ما مصلحة الأسد من مساعدة أردوغان انتخابياً؟ و لماذا يتمنّع الأسد عن المصالحة مع أردوغان؟ :


لا شكّ أن العلاقات بين بشار الأسد و أردوغان على المستوى الرسمي و الشخصي ليست في أفضل أحوالها، و بطبيعة الحال، لن يرغب بشار الأسد في إتمام مصالحةٍ سياسية مع أردوغان، لأن ذلك سيساعده سياسياً و شعبياً في الاستمرار كرئيس للجمهورية التركية للخمس سنواتٍ المقبلة. 
كما أن بشار الأسد الذي يُدير دولة ذات اقتصاد منهار، لا يرغب في استعادة الملايين من اللاجئين السوريين الذي فرّوا إلى الخارج لسببين رئيسيين، الأول يكمن في عدم قدرة الاقتصاد السوري على استيعاب ملايين الأشخاص الذين قد يعودوا إلى سوريا في حال تمت المصالحة مع تركيا، و السبب الثاني هو أن اللاجئين السوريين الذين يعملون في الخارج يشكلون داعماً قويا للاقتصاد السوري عبر تحويل الأموال إلى ذويهم المتواجدين داخل الأراضي السورية.
إذاً، ما الذي قد يدفع الأسد إلى القبول بالتصالح مع أردوغان على الرغم من عدم توافق هذه المصالحة مع الأهداف الشخصية للأسد؟
باختصار، إنها روسيا، فلا شيئ يقدر على إقناع الأسد بالتصالح مع تركيا سوى روسيا التي من مصلحتها مساعدة أردوغان في النجاح في الانتخابات الرئاسية، من أجل ضمان عدم وصول المعارضة التركية إلى الحكم في تركيا، لا سيما أن المعارضة التركية مقربة بشكل كبير من حلف شمال الأطلسي و الولايات المتحدة الأمريكية و دول أوروبا الغربية بشكل عام.
و من المعروف أن روسيا هي التي أنقذت النظام السوري من السقوط بعد تدخلها عسكرياً لصالحه في الحرب الأهلية السورية، و أنها صاحبة النفوذ العسكري و السياسي الأكبر في سوريا، لدرجة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمتلك صلاحية التحكم في القرارات السورية أكثر من رئيس النظام السوري بشار الأسد نفسه.
لذلك، فإن من مصلحة روسيا الإبقاء على الوضع الراهن في تركيا ، لجهة استمرار حزب العدالة و التنمية الحاكم و عدم وصول المعارضة التركية المقربة من الغرب إلى سُدّة الرئاسة، خصوصاً أن تركيا برئاسة أردوغان كانت من الدول التي اتخذت موقفاً شبه محايد من الصراع العسكري الروسي الأوكراني، على الرغم من أنها دولة عضو في حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أن تركيا اليوم هي دولة ذات أهمية كبرى لروسيا أكثر من أي وقت مضى، نظراً لأنها أصبحت المنفذ الوحيد لروسيا نحو أوروبا لاسيما بعد العقوبات الغربية المشددة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، و هذا ما يفسر استماتة روسيا في السعي لإتمام اللقاء بين الأسد و أردوغان قبيل موعد الانتخابات الرئاسية التركية.

موقف الولايات المتحدة من تطبيع العلاقات بين سوريا و تركيا:


إلى جانب روسيا و تركيا، تحظى الولايات المتحدة الأمريكية بنفوذٍ واسع في الساحة السورية، لاسيما في الشمال السوري، و بالتالي فإن أي تطور يحصل على الساحة السياسية و العسكرية السورية سيكون محط اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الداعم الأول سياسياً و عسكرياً للجماعات الكردية المسلحة التي ستكون من أبرز نقاط التفاوض بين تركيا و الأسد، ما يعني أن الولايات المتحدة سوق تتخذ بكل تأكيد موقفاً سلبياً حيال مسألة تطبيع العلاقات يين تركيا و النظام السوري. 
و تعليقاً على نوايا تركيا التصالح مع نظام الأسد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس خلال مؤتمر صحفي: "سنستمر في تبني مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وما زلنا نعتقد أنه يشكل الأساس الأنسب لإنهاء الحرب الأهلية بطريقة دائمة تحترم وتعزز تطلعات الشعب السوري".
وتابع: "نحن بالطبع لا نعرف ما الذي كان يمكن لنظام الأسد أن يفعله لولا إجراءات المساءلة التي فُرضت عليه، لا نعرف ما الذي كان يمكن أن يفعله لولا تصرفات الولايات المتحدة ودول العالم لمصادرة وتدمير مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية".
وأكد: "سنواصل تعزيز مساءلة نظام الأسد، وسنستمر في ثني شركائنا حول العالم عن تطبيع العلاقات مع النظام أو تحسينها"، ووصف نيد برايس الحرب الأهلية في سوريا بأنها "مأساة مطلقة ألحقها بشار الأسد ونظامه بشعب سوريا".

هل ستسعي الولايات المتحدة إلى إفشال مساعي الصلح التركي السوري؟:


بدايةً، يجب أن نشير إلى أن مشكلة الولايات المتحدة الأمريكية مع النظام السوري هي كونه نظام تابع بدرجة كبيرة لروسيا، أي انها تعتبر استمرار نظام الأسد في الحكم في سوريا هو مجرد امتداد للنفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط ، و بالتالي فإن أي تطبيع مع نظام الأسد من قبل أي دولة هو بمثابة تركيز الوجود الروسي في سوريا و الاعتراف بشرعية وجود القوات الروسية على الأراضي السورية. 
و إن ممانعة الولايات المتحدة لإقامة صلح بين أردوغان و الأسد قد تنتفي بانتفاء العلّة، أي اذا تضمن التصالح يين تركيا و النظام السوري إبقاء توازنات القوى على الشكل الذي لا يضر بالمصالح الأميركية، أي عدم الاعتراف بشرعية وجود الجيش الروسي في سوريا إضافة إلى عدم التعرض للمناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية، و في حال حصول الولايات المتحدة على مثل هذه الضمانات، قد لا تمانع أميركا من إتمام المصالحة المذكورة، شرط أن تحدث بالتنسيق مع الولايات المتحدة و حلف شمال الأطلسي الذي ينتشر في شمال سوريا. 
نهايةً، لا يمكننا الجزم بمدى إمكانية تحقق التصالح بين تركيا و النظام السوري قبل موعد الانتخابات الرئاسية التركية من عدمه، و لكن يمكننا أن نكون على درايةٍ بأن مثل هذه الخطوة لن تمر مرور الكرام على الساحة السورية التي تتميز بكثرة اللاعبين الدوليين و فاعليتهم الكبيرة على الأراضي السورية، بدءًا من روسيا و تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية و حلف شمال الأطلسي و إيران، ما يعني أن إتمام هذه الخطوة لا يتوقف فقط على التنسيق بشأن الملف السوري وحده، بل إن هذه الخطوة المؤثرة على خريطة توازنات القوى في منطقة الشرق الأوسط و خصوصاً منطقة الشمال السوري الذي تتداخل فيه العديد من القوى العالمية سوف تتطلب تنسيقاً بين جميع القوى المؤثرة حول العديد من الملفات، بحيث تتمكن كل دولة فاعلة على الساحة السورية من الحصول على المزيد من المكتسبات و الحفاظ على الوضع الراهن في سوريا بما يتوافق مع مصالحها و أهدافها الخاصة، ما يعني أن المصالحة بين أردوغان و الأسد لا تتوقف فقط على مواقف و مصالح كليهما، بل تمتد إلى أبعد من ذلك بكثير، لدرجة تكادُ تكون موضع اهتمام كافة القوى العالمية و الإقليمية المهتمة بالملف السوري.