تأثير فوز الأحزاب الأمريكية الكبرى على الأسواق: تحليل تاريخي وتوقعات مستقبلية
news image

ألثيا سبينوزي، رئيسة استراتيجية الدخل الثابت في ساكسو بنك

 

ملخص:

الأسهم: تميل أسواق الأسهم إلى تحقيق أداء أفضل في العام الأول الذي يلي رئاسة الديمقراطيين للبلاد، حيث حققت مؤشرات مثل مؤشر راسل 2000 ومؤشر ناسداك مكاسب أقوى. وقد شهدت فترات الرئاسة الجمهورية أداءً متبايناً، حيث استفادت بعض القطاعات مثل الطاقة والصناعات من إلغاء القيود التنظيمية.

الذهب: غالباً ما يحقق الذهب أداءً جيداً بغض النظر عن حزب الرئيس، ولكن لوحظت قمم كبيرة خلال فترات الرئاسة الجمهورية بسبب عدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية. تشهد فترات الرئاسة الديمقراطية عموماً استقراراً أو انخفاضاً في أسعار الذهب مع تحسن الاستقرار الاقتصادي.

النفط الخام: الأداء المتباين هو أمر معتاد، ولكن عادةً ما نشهد ارتفاعات أكثر أهمية في ظل الرئاسات الجمهورية بسبب السياسات الداعمة لقطاعات الوقود الأحفوري. فيما قد تركز سياسات الديمقراطيين بشكل أكبر على الطاقة المتجددة، مما يؤدي إلى استقرار واعتدال في الأرباح.

سندات الخزانة الأمريكية: تظل أسواق السندات مستقرة بشكل عام في ظل كلا الحزبين، ولا تُظهر مكاسب ثابتة أو خسائر مرتبطة مباشرة بحزب الرئيس. ويؤثر الطلب على الأصول الآمنة والسياسات الاقتصادية بشكل كبير على الأداء.

 

توقعات السوق لعام 2025 تحت قيادة الديمقراطيين والجمهوريين

استناداً إلى خلفية الاقتصاد الكلي الحالية والنتائج التاريخية، إليك ما يمكن أن نتوقعه في عام 2025 بعد فوز رئيس ديمقراطي أو جمهوري بالرئاسة في نوفمبر 2024:


في حال فوز رئيس ديمقراطي:

·       الأسهم: من المتوقع تحقيق أداء إيجابي. تاريخياً، تميل أسواق الأسهم إلى الأداء الجيد في السنة الأولى لرئاسة ديمقراطية. غالباً ما تُظهر المؤشرات الرئيسية مثل راسل 2000 وناسداك مكاسب أقوى. بالنظر إلى المستويات المرتفعة الحالية لمؤشرات مثل ناسداك و إس آند بي، يمكن توقع استمرار الأداء الإيجابي، خاصة إذا تم تنفيذ إجراءات تحفيز مالي لصالح ذوي الدخل المنخفض.

·       الذهب: قد تستقر أسعار الذهب أو تنخفض قليلاً. في ظل وجود رئيس ديمقراطي، فقد يؤدي تحسن الاستقرار الاقتصادي وتراجع مخاوف التضخم إلى انخفاض الطلب على الذهب كملاذ آمن. حيث  يتجه الذهب إلى الذروة تاريخياً خلال أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي، والتي قد لا تكون واضحة بشكل كبير تحت القيادة الديمقراطية.

·       النفط الخام: أداء معتدل. قد يشهد النفط الخام مكاسب مستقرة إلى معتدلة. على الرغم من أن السياسات الديمقراطية قد تركز على الطاقة المتجددة، إلا أن الطلب قصير الأجل على النفط مدفوعاً بالتعافي الاقتصادي يمكن أن يجعل الأسعار مستقرة أو أعلى قليلاً.

·       سندات الخزانة الأمريكية: قد تشهد سندات الخزانة الأمريكية عوائد مستقرة. غالباً ما تتبع الرئاسات الديمقراطية سياسات تحافظ على الاستقرار الاقتصادي، مما قد يؤدي إلى تغييرات طفيفة في أسعار الفائدة وأداء متوازن في أسواق السندات وذلك بحسب ساكسو بنك.

 

في حال فوز رئيس جمهوري:

·       الأسهم: من المتوقع أن تشهد أسواق الأسهم أداءً تبايناً. حيث قد تستفيد بعض القطاعات، ولا سيما الطاقة والصناعة، من تخفيف القيود وتطبيق سياسات داعمة للأعمال. ومع ذلك، نظراً للتقييمات المرتفعة الحالية، قد تزداد التقلبات مع تحول المستثمرين إلى الحذر.

·       الذهب: شهد الذهب، تاريخياً، أداءً إيجابياً خلال فترات الرئاسات الجمهورية، خاصة في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي أو التوتر الجيوسياسي. وفي حال زادت حالة عدم الاستقرار في السوق، فقد يرتفع سعر الذهب باعتباره ملاذاً آمناً.

·       النفط الخام: من المتوقع أن يشهد خام غرب تكساس الوسيط مكاسب كبيرة. غالباً ما تفضل السياسات الجمهورية صناعة الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج وربما ارتفاع الأسعار مدفوعاً بتخفيف القيود ودعم إنتاج النفط المحلي.

·       سندات الخزانة الأمريكية: قد تشهد سندات الخزانة الأمريكية أداءً متبايناً. ففي حين قد يزيد الطلب على الأصول الآمنة، مما يؤدي إلى استقرار أو انخفاض طفيف في العوائد، فإن السياسات الاقتصادية الداعمة للنمو قد تؤدي أيضاً إلى ارتفاع معدل الفائدة المحايد، مما قد يضغط على سندات الخزانة طويلة الأجل.


ردود الفعل التاريخية للسوق استناداً إلى الأحزاب الرئاسية الأمريكية المنتخبة.

الرؤساء الديمقراطيون

بيل كلينتون (1993، 1997)

·       السياق الاقتصادي: شهدت أوائل التسعينيات نهاية الركود الاقتصادي، تلتها فترة من النمو الاقتصادي القوي. وغالباً ما ترتبط فترة رئاسة كلينتون بالانضباط المالي والازدهار التكنولوجي والعولمة.

·       الأسهم: استفادت من الانتعاش الاقتصادي القوي، والتقدم التكنولوجي، وارتفاع ثقة المستهلكين. وبحلول عام 1997، شهدت سوق الأسهم أداءً أقوى، حيث ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز بنحو 33%.

·       الذهب: بينما ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 17.64% في عام 1993بسبب الآثار المتبقية من الركود الذي شهدته أوائل التسعينيات، والمخاوف من استقرار العملة، والمخاوف من التضخم، انخفضت أسعار الذهب في عام 1997 بنسبة 21.48% مدفوعة بقوة الدولار الأمريكي، وتراجع المخاوف من التضخم، والنمو الاقتصادي القوي.

·       النفط الخام: انخفضت أسعار نفط خام غرب تكساس الوسيط في عام 1993 نتيجة زيادة الإنتاج من الدول غير الأعضاء في منظمة الأوبك، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، والاستقرار الجيوسياسي النسبي في الشرق الأوسط. كما شهد عام 1997، المزيد من انخفاض الأسعار الناجم عن الأزمة المالية الآسيوية التي أدت إلى انخفاض الطلب، وزيادة إنتاج النفط العالمي، وعودة العراق إلى سوق النفط، مما أدى إلى زيادة العرض.

·       سندات الخزانة الأمريكية: شهدت ارتفاعاً مدعوماً بالسياسة النقدية التيسيرية التي انتهجها مجلس الاحتياطي الفيدرالي من خلال خفض أسعار الفائدة لدعم الانتعاش الاقتصادي في عام 1993، واتباع نهج حذر مع تعديلات طفيفة في معدلات الفائدة للحفاظ على النمو والسيطرة على التضخم في عام 1997.

 

باراك أوباما (2009، 2013)

·       السياق الاقتصادي: ورث أوباما الأزمة المالية الكبرى، مما أدى إلى تحديات اقتصادية كبيرة. نفذت إدارته تدابير تحفيزية وإصلاحات مالية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد.

·       الأسهم: شهدت أسواق الأسهم انتعاشاً قوياً بعد الركود الاقتصادي، مدفوعاً بتدابير التحفيز الاقتصادي وارتفاع ثقة المستثمرين. في عام 2013، حققت الأسواق أداءً متميزاً حيث بلغت المؤشرات الرئيسية مستويات قياسية جديدة. سجل كل من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ومؤشر داو جونز الصناعي مكاسب كبيرة بفضل استمرار التعافي الاقتصادي، ونمو أرباح الشركات، وسياسات نقدية داعمة من البنوك المركزية، لا سيما برنامج التيسير الكمي الذي تبناه الاحتياطي الفيدرالي.

·       الذهب: ارتفعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ في عام 2009 مع تحول المستثمرين إلى الأصول الآمنة وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي التي سادت خلال الأزمة المالية العالمية. ومع ذلك، شهدت الأسعار انخفاضاً بعد إعادة انتخاب الرئيس أوباما في عام 2012، بالتزامن مع بدء تعافي الاقتصاد العالمي، تراجع مخاوف التضخم، وبدء الاحتياطي الفيدرالي في تقليص إجراءات التحفيز.

·       النفط الخام: شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعاً كبيراً لتصل إلى نحو 82 دولاراً للبرميل في عام 2009، تعافياً من الانخفاض الحاد خلال الأزمة المالية، مدعومة بالانتعاش الاقتصادي وزيادة الطلب. حيث استقرت الأسعار بعد إعادة انتخاب الرئيس أوباما في عام 2012، في نطاق 90 إلى 100 دولار للبرميل، بفضل النمو الاقتصادي العالمي المستمر وزيادة إنتاج النفط، لا سيما من خلال طفرة النفط الصخري الأمريكي.

·       سندات الخزانة الأمريكية: استفادت سندات الخزانة الأمريكية في البداية من الطلب عليها كملاذ آمن عقب الأزمة المالية العالمية لعام 2008. ومع ذلك، شهدت عوائد سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل ارتفاعاً خلال عام 2009 على الرغم من السياسة التيسيرية التي تبناها الاحتياطي الفيدرالي.

في ظل تعافي الاقتصاد من الركود الكبير، أدت المخاوف من تضخم مستقبلي محتمل، ناجم عن التيسير الكمي وغيره من السياسات التحفيزية، إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة. بالإضافة إلى ذلك، تمويل برامج التحفيز المالي وباقات الإنقاذ الضخمة تطلب إصدار كميات كبيرة من سندات الخزانة. تزامن هذا العرض المتزايد مع تحول في شهية المستثمرين نحو المخاطرة، ما أدى إلى تحويل استثماراتهم من الأصول الآمنة إلى الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم بحسب ساكسو بنك. أشارت تصريحات الاحتياطي الفيدرالي في عام 2013، في ظل تحسن الآفاق الاقتصادية، إلى احتمال تقليص السياسات التيسيرية، مما دفع الأسواق إلى توقع رفع أسعار الفائدة، الأمر الذي ضغط على سندات الخزانة الأمريكية.

 

جو بايدن (2021)

·       السياق الاقتصادي: بدأت فترة رئاسة بايدن في ظل جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى حدوث اضطرابات اقتصادية كبيرة وجهود التعافي اللاحقة.

·       الأسهم: أظهرت أسواق الأسهم أداءً إيجابياً عاماً مدفوعاً بعوامل عدة، من بينها طرح اللقاحات، الحوافز الاقتصادية، ومبادرات البنية التحتية. شهد قطاع التكنولوجيا نمواً ملحوظاً، حيث حققت شركات رائدة مثل آبل، مايكروسوفت، أمازون، وتيسلا مكاسب كبيرة. يعزى هذا الأداء القوي إلى زيادة الطلب على الخدمات والمنتجات الرقمية وسط الجائحة المستمرة والتوجه العام نحو التحول الرقمي.

·       الذهب: انخفضت أسعار الذهب خلال عام 2021 بشكل رئيسي نتيجة للإشارات التي أطلقها الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة المحتمل، ما أدى إلى تعزيز الدولار الأمريكي وتراجع جاذبية الذهب كأصل آمن. كما تحول المستثمرون نحو الأصول عالية المخاطر مع تحسن آفاق الاقتصاد، مما قلص الطلب على الذهب.

·       النفط الخام: شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعات ملحوظة خلال عام 2021 مدفوعة بالانتعاش الاقتصادي العالمي الذي تزامن مع زيادة وتيرة التطعيم ضد كوفيد-19 ورفع القيود المفروضة. أدى هذا إلى زيادة حادة في الطلب على مشتقات النفط. علاوة على ذلك، ساهمت تخفيضات إنتاج أوبك+ والاضطرابات في إنتاج النفط الأمريكي في تشديد المعروض، ما دعم ارتفاع الأسعار.

·       سندات الخزانة الأمريكية: انخفضت قيمة سندات الخزانة الأمريكية في عام 2021 نتيجة عدة عوامل، أبرزها ارتفاع توقعات التضخم والإشارات التي أطلقها الاحتياطي الفيدرالي بشأن التراجع التدريجي في برنامج شراء الأصول. مع تعافي الاقتصاد من تداعيات جائحة كوفيد-19، زادت مخاوف المستثمرين من التضخم، مما دفعهم إلى مطالبة بعوائد أعلى. هذه العوامل مجتمعة قللت من جاذبية سندات الخزانة مقارنة بالاستثمارات الأخرى.

 

الرؤساء الجمهوريون

جورج دبليو بوش (2001، 2005)

·       السياق الاقتصادي: شهدت فترة رئاسة بوش آثار انفجار فقاعة الدوت كوم وهجمات 11 سبتمبر، مما أدى إلى تحديات اقتصادية وتقلبات في السوق.

·       الأسهم: أظهرت الأسهم أداءً متقلباً، حيث شهدت انخفاضات حادة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 وانفجار فقاعة الدوت كوم، إلا أنها تعافت لاحقاً.

·       الذهب: شهد أداءً قوياً كأصل آمن خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي.

·       النفط الخام: سجل أداءً إيجابياً ملحوظاً في عام 2005 نتيجة التوترات الجيوسياسية وشح المعروض.

·       سندات الخزانة الأمريكية: حافظت على استقرار عام مع أداء إيجابي مدفوعاً بالطلب كملاذ آمن.

 

دونالد ترامب (2017)

·       السياق الاقتصادي: ركزت رئاسة ترامب على التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود والسياسات التجارية، مما أثر على أداء السوق.

·       الأسهم: استفادت أسواق الأسهم من موجة التفاؤل التي أعقبت تخفيضات الضرائب، على الرغم من تصاعد التوترات التجارية مع الصين. حقق مؤشر داو جونز الصناعي ومؤشر ستاندرد آند بورز ومؤشر ناسداك المركب أفضل أداء سنوي لهما منذ عام 2013. وقد شهد قطاع التكنولوجيا نمواً ملحوظاً، بقيادة شركات مثل آبل وأمازون وفيسبوك. ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 24%، ومؤشر ستاندرد آند بورز بنحو 19%، ومؤشر ناسداك بنحو 28%، مما يعكس القوة الشاملة التي سادت المؤشرات الرئيسية.

·       الذهب: سجل الذهب أداءً جيداً بشكل عام، انعكاساً للأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة والتوترات التجارية.

·       النفط الخام: شهدت أسعار خام غرب تكساس الوسيط ارتفاعاً كبيراً في عام 2017، لتختتم العام عند نحو 60 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى لسعر الإغلاق منذ عام 2013. يعزى أداء النفط إلى تخفيضات إنتاج منظمة أوبك، والطلب العالمي القوي، وارتفاع صادرات النفط الخام الأمريكي إلى مستويات قياسية مدعومة بأسعار تنافسية.

·       سندات الخزانة الأمريكية: حافظت سندات الخزانة الأمريكية على استقرارها بشكل عام بفعل التوازن بين النمو الاقتصادي القوي والتضخم المنخفض. وعلى الرغم من ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وتحسن أرباح الشركات، ظل التضخم تحت السيطرة، مما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بوتيرة تدريجية ومحدودة. ساهم هذا التوازن بين المؤشرات الاقتصادية الإيجابية والتضخم المراقب في استقرار عوائد سندات الخزانة على مدار العام.

Beth Agencia