وكالة بث:
حراك تنمويٌ، وتحولاتٌ ملموسة، يشهدها قطاع التعدين في المملكة العربية السعودية، الذي يعد –وفقاً لرؤية المملكة 2030- أحد الركائز الرئيسة الثلاث لتنمية الإيرادات غير النفطية، إلى جانب صناعتي النفط والبتروكيماويات، وذلك عطفاً على ما تزخر به المملكة من ثروات معدنية، تشكّل رافداً مهماً لتنمية الاقتصاد وتنويع مصادره.
كانت المملكة قد رفعت تقديراتها للثروة المعدنية إلى 9.4 تريليونات ريال (2.5 تريليون دولار)، كما كشفت عن تقديمها لحوافز استكشافية تبلغ قيمتها نحو 682.5 مليون ريال (182 مليون دولار) بنهاية عام 2023م.
وأصدرت وزارة الصناعة والثروة المعدنية 152 ترخيصاً صناعياً جديداً خلال شهر يناير 2024 استحوذت منها منتجات المعادن اللافلزية على 20 ترخيصاً فيما استحوذت أنشطة صنع منتجات المعادن المشكلة باستثناء الآلات والمعدات على 19 ترخيصاً.
وأوضح التقرير الصادر عن المركز الوطني للمعلومات الصناعية والتعدينية التابع لوزارة الصناعة والثروة المعدنية أن إجمالي عدد التراخيص الصناعية، التي أصدرتها الوزارة منذ مطلع العام الماضي حتى نهاية شهر يناير من العام الجاري 152 ترخيصاً، فيما وصل عدد المصانع القائمة، والتي تحت الإنشاء في المملكة حتى نهاية الشهر نفسه إلى 11,672 مصنعاً، بحجم استثمارات بلغت 1,539 تريليون ريال.
سبق أن أعلنت المملكة اكتشافات جديدة آخرها اكتشاف كميات ضخمة من موارد الذهب على طول 100 كم من منجم منصورة ومسرة بقدرة إنتاجية تبلغ 250 ألف أونصة سنوياً ما يعدّ دليلاً مهماً على الإمكانات غير المستغلة للثروات المعدنية بالسعودية.
التحولات الملموسة في قطاع التعدين تثبت المضي قدماً في تنفيذ الإستراتيجية الشاملة في قطاع التعدين ومستهدفاتها وفق رؤية المملكة 2030 ما سيحقق أثراً اقتصادياً واجتماعياً متزايداً للوصول إلى تحقيق الطموح بصورة كاملة عام 2030م.
في ذات السياق قال نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين المهندس خالد المديفر: إن المملكة اتخذت مجموعةً من الخطوات لتطوير قطاع التعدين، تضمنت تنفيذ العديد من المبادرات لإيجاد بيئة تساعد على تطوير قطاع التعدين، وإصدار قانون الاستثمار التعديني، لتسهيل عملية الحصول على التراخيص، وتقليل التأثير البيئي لعمليات التعدين، وتعظيم الاستفادة من الفوائد للمجتمعات المحلية، وإطلاق برنامج المسح الجيولوجي لتوفير بيانات جيولوجية شاملة.
وأفاد أن صندوق التنمية الصناعية السعودي يموّل مشاريع الاستكشاف والتعدين المتقدمة لجميع المعادن بنسبة تصل إلى 75 % من تكاليف المشاريع المؤهلة، ويقدم منتجات تمويل للتصنيع المتوسط والسفلي، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والرقمنة، والطاقة المتجددة، وزيادة المحتوى المحلي.
وكانت وزارة الصناعة والثروة المعدنية قد كشفت في تقريرها الشهري الصادر عن المركز الوطني للمعلومات الصناعية والتعدينية، أهم المؤشرات الصناعية التي توضح طبيعة حركة النشاط الصناعي في المملكة، إضافةً إلى الكشف عن حجم التغيير الذي يشهده القطاع في الاستثمارات الصناعية الجديدة، بالإضافة إلى المؤشرات المتعلقة بقطاع التعدين حتى نهاية شهر ديسمبر 2023، حيث أعلنت عن ارتفاع عدد المصانع القائمة بنسبة 10% في عام 2023م، من 10518 مصنعاً في 2022 إلى 11549 حتى العام الماضي، وبلغ عدد التراخيص الصناعية الجديدة الصادرة في عام 2023م، 1,379 ترخيصاً، بحجم استثمارات تصل إلى أكثر من 81 مليار ريال، فيما بدأ الإنتاج في 1,058 مصنعاً خلال العام نفسه باستثمارات تبلغ 45 مليار ريال.
خطوات حثيثة ومتتابعة تتخذها المملكة لتحقيق التحول الاقتصادي خاصةً في مجال التعدين من خلال نهج شمولي طموح يرتكز على ثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى: الأنشطة التعدينية وتشمل عمليات المسح والاستكشاف بغرض تحديد كميات المعادن، وعمل دراسات الجدوى الاقتصادية، وتطوير المناجم ومعالجة المواد الخام.
أما المرحلة الثانية: مرحلة الصناعات الوسيطة وتشمل عمليات التكرير والصهر لتصنيع المواد الأساسية، مثل: سبائك الألمنيوم، وكتل الحديد الصلب.
المرحلة الثالثة: مرحلة الصناعات التحويلية، التي تشمل تصنيع المنتجات شبه النهائية كصفائح الحديد والألمنيوم، والمنتجات النهائية كالأنابيب والقضبان الحديدية. بالإضافة إلى تنفيذ عدة مبادرات في قطاع التعدين منها : برامج الاستكشاف السريع الذي سيعمل على تطوير الرواسب المعدنية الواعدة من خلال تنفيذ برامج استكشاف ذات درجة عالية من الموثوقية، مما يسهم في زيادة الفرص الاستثمارية واستقطاب المستثمرين، ومن المتوقع أن يحقق هذا البرنامج عدة نجاحات أبرزها المساهمة في زيادة حجم الإنفاق والاستثمار على الاستكشاف المعدني، وتسريع وزيادة أعمال الاستكشاف، والمساهمة في بناء قطاع الاستكشاف وزيادة نسبة الفرص الاستثمارية الواعدة للمستثمر المحلي والأجنبي وتفعيل دور الشركات الصغيرة والمتوسطة وزيادة وتطوير الكفاءات الوطنية في أعمال الاستكشاف والتنقيب.
وتم إطلاق مبادرة الشركة السعودية لخدمات التعدين التي ستعمل على دعم تنمية الاستثمارات التعدينية، بما في ذلك دعم مديريات التعدين، وتطوير إجراءات الرقابة والضبط في مواقع الرخص التعدينية، وذلك من خلال استخدام وسائل رقابة متطورة وتقنيات حديثة، ودعم خدمات التحصيل للعوائد والغرامات، ومن المتوقع أن يستفيد قطاع التعدين من هذه المبادرة من خلال رفع مستوى التزام الشركات بمعايير البيئة والصحة والسلامة بما يخدم العاملين في القطاع والمجتمعات المحلية المجاورة ورفع كفاءة المراقبة للموارد المستغلة، مما يسهم في زيادة إيرادات الدولة.
وقامت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بتقديم مبادرة البرنامج العام للمسح الجيولوجي الذي يعمل على توفير المعلومات والخرائط الجيولوجية بمقاييسها المختلفة، وعمل المسوحات الجوية متعددة الطرق والمسوحات الجيوكيميائية لكامل منطقة الدرع العربي، وذلك لدعم تسريع الاستثمار في الاستكشاف المعدني من خلال الحصول على المعلومات الجيولوجية الإقليمية الأساسية عالية الدقة، وإنشاء مركز متقدم لتحليل كافة المعلومات الجيولوجية يقوم بتحليل وتفسير ونمذجة البيانات الجيولوجية باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الصناعي، والذي يسهم في استكشاف معادن جديدة ويخدم التطور الحضري والعمراني وكافة مجالات علوم الأرض.
وتسهم المبادرة في نقل المعرفة والتأهيل، وإنشاء وحدة إستراتيجية تعنى بالإشراف على عمل المبادرة والمبادرات الأخرى بهيئة المساحة الجيولوجية ومن المتوقع أن يؤثر هذا البرنامج على القطاع من خلال توفير المعلومات الجيولوجية عالية الدقة، والتي ستؤدي إلى جذب وزيادة الاستثمارات في قطاع التعدين لكي يصبح أحد الركائز الأساسية للاقتصاد في المملكة، وتعزيز الثقة في أعمال الاستكشاف ومخرجاتها وذلك بالمساهمة في توفير بيانات جديدة، وتحديد دلائل على وجود المكامن والرواسب المعدنية الواعدة في الدرع العربي، وزيادة وتطوير الكفاءات الوطنية في أعمال المسح الجيولوجي.
كما يسهم قطاع الخدمات اللوجستية في تمكين القطاع التعديني من خلال رفع جاذبية الاستثمار في القطاع التعديني، عبر توفير حلول لنقل الخامات التعدينية المواد الأولية والمعادن المعالجة إلى المصاهر والمصانع في المدن الصناعية بأسعار منافسة وجاذبة، وذلك من خلال بناء شبكات طرق إسفلتية وحديدية تسهم في تكامل بناء سلاسل الإمداد.
كل هذه التحركات التي تكللت بالنجاح ستعمل على تعظيم مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 176 مليار ريال بحلول عام 2030م، إضافة إلى العديد من المكاسب كتغذية الاحتياجات الداخلية من المعادن، ورفع مستوى مشاركة المحتوى المحلي، وتحسين الميزان التجاري، وتحقيق استدامة القطاع، وتحسين الممكنات التشريعية والاستثمارية في القطاع، وتوليد فرص وظيفية، وتنمية الكوادر الوطنية، واستحداث صادرات جديدة، وزيادة الإيرادات غير النفطية، وتوطين التصنيع.